الحياة : رحلة دائمة ، في البحث عن البدائل !

الذين لابدائل ، لديهم ، سوى: الظنّ، أوالوهم ، أواليأس .. والذين لايعرفون - أصلاً- التفكير بالبدائل ، الممكنة والمجدية .. ولايعرفون أن الحياة ، كلّها - والسياسة جزء منها- هي رحلة بحث عن البدائل – ولكلٍّ بدائلُه ، وفق النسق ، الذي يَصنع فيه قرارَه ، بكلّ مافي النسق ، من قوى ومصالح ، وموازين قوّة وضعف -..أمّا هؤلاء وأولئك ، فنرجو، ألاّ يقيّدوا عقول غيرهم ، بما قيّد عقولهم ، من : ظنّ ، أو وهم ، أويأس ، أو عجز، أو تجارب غير موفقة .. وإلاّ ؛ فعلى الدنيا السلام ! ونحسب هؤلاء الإخوة الكرام – كلّهم ، أو جلّهم – مخلصين ، في نيّاتهم ! لكن الإخلاص لايغني ، عن حساب معادلات الواقع ، بشكل سليم ، واتخاذ القرارات ، على ضوء هذا الحساب ! والفرق كبير- بالطبع- بين صناعة القرار، وترديد الشعار!

ولله درّ القائل : إذا لمْ تستطعْ شيئاً ، فدعْهُ = وجاوِزَهُ ، إلى ما تستطيعُ !

وللتمثيل ، أو التدليل ، على مانقول ، نضرب أمثلة ، من بعض الدول ، المسمّاة : دول الربيع العربي .. فنقول : إن شعوب هذه الدول ، كلّها ، كانت بين خيارين ، لا ثالث لهما ، وهما : الاستسلام التامّ للحكّام ، والخضوع لأحكامهم ، بكلّ مافيها ، من : ظلم وقهر، وفساد واستبداد.. أو القتل ، والاعتقال ، والتهجير.. والحرمان ، من أبسط الحقوق الإنسانية !

والذي يضع هذه الخيارات ، هم الحكّام ، بالطبع ؛ لأنهم يملكون أجهزة الدولة ، كلّها، بكلّ مافيها، من مؤسّسات : عسكرية ، وأمنية ، واقتصادية ، وإعلامية ..!

وقد عبّر بعض النشطاء ، أيّام ثورة الشعب الليبي ، ضدّ معمّرالقذافي ، قائلاً : إن سياسة الحكومة ، تجاهنا ، هي : نحكمكم ، أو نقتلكم !

وعصابات بشار الأسد ، كتبت ، على جدران المدن السورية : الأسد ، أونُحرق البلد !

وهذا هو نهج الحكومات ، كلّها ، في دول الربيع العربي ، التي أسقطتها ثورات الشعوب ، والتي لم تزل تصارع ، للبقاء ، في كراسي السلطة !

أمّا الشعوب ، أنفسها ، فكانت تريد الإصلاح ، الذي يحفظ للمواطن ، حقوقه ، في بلاده ! وهذا بديل وسط ، بين البديلين ، اللذين فرضتهما السلطات الحاكمة ! إلاّ أنّ بعض هذه السلطات ، لم تقبل ، بهذا البديل الوسط ، بعدما تعوّدت ، على احتقارالشعوب ، واستعبادها .. فسقطت ، أو سقط رؤوسها ، وبقي بعض أنصارهم ، في الدول العميقة ، يقاومون ، ويشنّون هجومات معاكسة ، ضدّ الشعوب !

أمّا الحكّام المتمرّسون ، في التفكير السياسي ، فقبلوا البديل الوسط ، الذي يهدّئ الشعوب ، والذي يمنحها بعض حقوقها ! وأجرّوا انتخابات حرّة ، وتقاسموا بعض السلطات ، مع شعوبهم ، واستقرّت أحوال بلادهم ، حين نجت ، ممّا حصل ، في غيرها ، من صراعات ومآس !

وسبحان القائل : ومَن يؤتَ الحكمة فقد أوتيَ خيراً كثيراً !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين