الحج : تجسيد لمسيرة الإنسان

شعيرة الحج تمثيل واقعي في مسرح الأحداث لمسيرة أبو البشر "آدم" وأبو الأنبياء "إبراهيم" وأسرته المباركة .

إنه تجسيد لأعظم ملحمة إنسانية في تاريخ البشر . 

تجسيد لمسيرة الإنسان من مبتدئه لمنتهاه ، ترجمة لطبيعة دينٍ عالميٍّ أرسله الله رحمة للعالمين.

إنه تجسيد لمسيرة الإنسان في :

طوافه بحثاً عن الله .. سعيه بحثًا عن الرزق .. تضحيته من أجل الحب .. صراعه مع الشيطان .. بحثه عن العرفان والمعرفة في نهار عرفات .. بحثه عن الشعور في سكون الليل في المشعر الحرام .. بحثه عن الفرح والسعادة في العيد .. بحثه عن التلاحم البشري والأخوة الصادقة .. بحثه عن ذاته المتجردة من ملبس يميزها وعادة تأسرها .

أمواج بها ملايين القطرات من البشر ، وكل فرد منهم يقوم بدور البطولة المطلقة ، يؤديها على مسرح الأحداث ، يقتفي فيها آثار آدم وإبراهيم وأسرته المباركة .

هنا أنتَ أو أنتِ أبطال تلك الملحمة الإنسانيَّة الكبرى ، لا فرق بين رجل وامرأة ، المرأة تمثل دور إبراهيم ، والرجل يمثل دور هاجر .

كلاكما على خطى من حمل راية التوحيد ، وفي سبيل إعلائها كسر الأصنام واقتحم النيران وجابه العالم كله وحيدًا بلا أنصار .

إنكم هنا تلبية لندائه وآذانه .. إنكم فسائل غرس كلمته الخالدة (لا إله إلا الله).

كلاكما على خطى هاجر ، الإنسانة التي ارتقت بالحب والتضحية والسعي والشعور بالمسئولية أرقى مراتب الإنسانية ، إنها تُعَلِمُ كل البشر أنه : بالسعي لا بالتواكل، وبالتوكل لا بالسعي تتفجر ينابيع الحياة من حيث لا يحتسب الإنسان.

أنتَ وأنتِ هنا أبطال الطريقين معاً : طريق الآخرة (الطواف) ، وطريق الدنيا (السعي).

أنتم هنا أبطال في ملحمة الصراع بين التوحيد والشرك .. بين الأَثَرة والتضحية .. بين الواجب والمصلحة .. بين القيم والمنفعة .. بين الخير والشر .. بين المسئولية والنكوص .. بين الإنسان والشيطان .

أيها الإنسان: أنت الآن مولود جديد ، عُد إلى وطنك واستمر في أداء دور البطولة ، أَقِم في أرضك دار السلام ، اجعل من وطنك بيتاً مثابةً للناس وأمنًا ، انشر الحب والإخاء ، نادِ بالحرية والعدل والمساواة .. 

اُنصُر الإنسان.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين