ظلم خفي

من أكبر المشكلات المنهجية التي ما زالت تؤثر على طريقة تفكيرنا هي فكرة العالم الشرعي المتعدد الأدوار والمهام في الدولة والمجتمع كما كان في الأزمان الغابرة والقرون السابقة حيث بساطة الحياة ووضوحها وإدراك العالم الشرعي لجزئياتها وتفاصيلها ببساطة ويسر سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الحرب او الإدارة.

إن هذا لم يعد متيسرا الآن فللاقتصاد رجاله، وللسياسة رجالها، وللحرب رجالها، وللإدارة رجالها خصوصا في عالم معقد وواسع ومتشابك كعالم اليوم. 

إن تحميل العالم الشرعي كل ذلك وسؤال الناس لهم عن كل حدث وطلب رأيهم في كل قضية وقبول العلماء بذلك قد خلق مشكلة كبيرة وساهم حدوث أزمة ثقة أحيانا بين العالم ومريديه وتابعيه.

وفي ذلك ظلم خفي من جهات مختلفة:

_ ظلم من جهة الناس حين حمّلوا العالم الشرعي فوق طاقته وخارج تخصصه ليلوموه بعد ذلك إن لم دقيقا ومصيبا.

_ وظلم من العالم للناس إذ أجابهم على غير بصيرة وهدى فتورط دون دراية.

_ وظلم للمتخصص نفسه حين لا يقصد بالسؤال من العلماء والناس.

إن دور العالم الشرعي المعاصر ينبغي أن يكون في إطار تصحيح المسارات الرئيسة لمناحي الحياة وأنشطتها سواء في السياسة أو الاقتصاد أو التربية أو الادارة او التعليم ومدى التوافق أو التعارض بينها وبين منظومة القيم الإسلامية ومرجعية الوحي والأحكام الشرعية وليس دوره أن يتخصص في كل مجال ويبدي رأيه في كل جزئية بل يرشد ويحيل على المتخصص إلا أن يكون نفسه فعلا قد تخصص بذلك فله ان يقول في السياسة إن كان مستوعبا أو ممارسا لها.

وله أن يقول في الاقتصاد إن أحاط به

وله أن يدير أكبر المؤسسات إن تأهل لذلك.

الخلاصة:

إن دور العالم الشرعي في عصرنا هو في أسلمة أنشطة الحياة وترشيدها لا الدخول في تفاصيلها إلا اثأن يتخصص في مجال ما فيجمع الحسنيين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين