لاحَ الكفرُ على محياه، وأطلَّ برأسِهِ من ثناياه

 

 

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: { فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ........}. سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 52

تأمل قوله تَعَالَى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ}!

بعضُ الناسِ يفيضُ كلامُهُ بالكفرِ البواحِ، وترى في أفعالِهِ الكفرَ البواح، وَتَلْمَسُ في حركاته الكفرَ البواح.

فالكفر يُرى ويُسمع ويُحسُ ويلمسُ، والعجبُ أَنَّ من هذا حَالُهُ يتمعرُ وجهُهُ غضبًا، وتنتفخ أوداجه سخطًا إذا عوتب على سوء منطقه، أو لامه لآئم على سخريته واستهزائه بشيء من دين الله تعالى، أو أنكر عليه منكرٌ غمزه ولمزه لمن ينتسب للدين.

ولم يدر المسكين أن الكفر قد لاح على محياه، وأطل برأسه من ثناياه، ونطق على لسانه.

ويعجب المرء غاية العجب، كيف تجرأ أمثالُ هؤلاء حتى لا يكادُ أحدٌ منهم يَخْفَى؟ على حين كان يستخفي أسلافهم حتى لا يكادُ أَحَدُهُم يُعرفُ؛ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ نَشَاءُ لأرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}. سُورَةُ مُحَمَّدٍ: الْآيَة/ 30

وأعجبُ مِنْ ذَلكَ أنَّ هَؤُلَاءِ الذينَ اتَّخَذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا، وجعلوا من دين الله مادة لسخريتهم، يلبس أحدهم المسوح، ويبكي بكاء الثكلى أسفًا على الدين؛ {يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}. سُورَةُ التوبةِ: الْآيَة/ 30

 

ألم يقل سلفهم (فِرْعَوْنُ) من قبل: {ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأرْضِ الْفَسَادَ}. سُورَةُ غَافِرٍ: الْآيَة/ 26 

ألم يقل: {مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ}. سُورَةُ غَافِرٍ: الْآيَة/ 29 

اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور، ومن الضلال بعد الهدى.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين