رحلة الحج (10)

يوم السبت 29 من ذي القعدة سنة 1439هـ

 

تفسير سورة الفيل:

وملخص ما شرحت لهم اليوم من تفسير سورة الفيل للعلامة الفراهي:

بين فيما سبق مزايا بني إسماعيل على بني إسرائيل، وتاريخ الكعبة، ومسجد أورشليم، ثم عرض لأمور مهمة تتعلق بتقديس مسجد وحفظ، فيها دحض لبعض الشكوك:

الأول: إنه ليس للعبد أن يتطاول على الله ويقول: لنا مزيد وفضل، فنستحق كذا وكذا، فإن الفضل والمنّة لله تعالى، وأوثق عرى العبد هو التذلل والاستكانة، وما يتراءى من الفضيلة فليس إلا جالبة لرحمته تعالى كالدعاء، فإن العبد بعد دعائه لا يتخيل أنه من على مولاه بشيء، أو صنع له شيئا فيطلب أجرته، ولكنه تعالى لا يجعل المحسن والمسيء سواء، فيبتلي العباد كما ابتلى إبراهيم، فقرب بإسماعيل وأسلما للرب، ولكن إسماعيل وأباه ما كانا إلا من ملك الله وصنع يده، فأي خير صنعا لربهما، ولكن أنعم عليهما بعد هذا الامتحان بالبركات الجديدة.

والثاني: أنه ليس لمسجد أو معبد سمي باسمه حق على الله أن يحميه، غير أنه من أجل رحمته على عباده يذب عنه لما تقربوا به، ولكنهم إذا نسوا الله وعصوه عتوًا وتماديًا كان حريًّا بهم أن يضرب الله على وجوههم ما قرب به آباؤهم، ولكن أكثر الناس غرتهم الأماني، ويظنون أن للمخلوق عزة على الله، ويلمح إلى مثل ذلك ما جاء في سورة التوبة (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله)، فأقرب الوسائل عند الله هي الطاعة والتقوى، وبها ولها قامت شعائر الله.

والثالث: أن الله إذا تقبل بيتا وقدسه لاسمه (إنما يتقبل الله من المتقين) صار ذلك البيت ينبوع بركته، ويمين عهده، فكلما جاؤوا إليه ذاكرين اسمه ومجددين عهده كان العهد قائما، كما قال لبني إسرائيل: (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم)، ولبني إسماعيل: (فاذكروني أذكركم)، ولكنهم إن بدلوا العهد وهم أنفسهم قاموا لخراب البيت فحريٌّ بالرب أن يخلي بينهم وبين بيت المقدس، فإن الله تعالى غني عن العالمين، ويقضي على الأمة حسب أفعال أكثرهم، أو يبطهم حين قام بعضهم للشر، فإن التقوى نصفها التعاون في فعل الخير ومنع الشر، هذا حسب مجرى العدل الظاهر، فإن عاملهم بالحلم لجهلهم أو لعلمه بخير مستكن فيهم أو لحكمة أخرى فهو العليم الحكيم، كما ترى ذلك في أمر صحف اليهود والنصارى، فإنهم بدلوها ولم يمنعهم عن ذلك، وأما القرآن فحفظه عن أيدي الزائغين مع حرصهم على التحريف والتغيير.

زيارات:

ثم خرجت أنا وبناتي سمية وفاطمة وعائشة مع الأخوين الكريمين عبد الله التوم وتركي الفضلي لزيارة شيوخ وآثار، ومن الآثار التي زرناها: مقبرة العدل أحد مقابر مكة المكرمة، أنشئت سنة 1345 هـ، وتعد المقبرة الثانية بعد مقبرة المعلاة بمنطقة الحجون، تقع إلى الشمال الشرقي من المسجد الحرام، سميت مقبرة العدل بهذا الاسم لوجودها في حي العدل المقابل لمقر إمارة منطقة مكة المكرمة. ومن المدفونين فيها العلامة الشيخ علي الطنطاوي ( ت 1420)، والعلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (ت 1420هـ) والعلامة الشيخ محمد بن صالح بن العثيمين (ت سنة 1421 هـ) رحمهم الله تعالى وسائر من معهم.

ومنها بئر طوى، وهي بئر قديمة مطوية بالحجر، وعليها بناء قديم، تقع في حي جرول بين القبة وريع أبي لهب في وادي طوى المعروف، وموقع هذه البئر هو الذي بات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فتح مكة المكرمة، وتمًَّ في الآونة الأخيرة إغلاق البئر من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهيئة الآثار حتى لا تكون مزارًا للحجاج أو المعتمرين الذين كانوا يحرصون على الاستحمام منها قبل الوصول إلى المسجد الحرام اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم.

ومنها ضريح عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (ت 73هـ) دفن بفخ في مقبرة المهاجرين نحو ذي طوى، وقيل دفن بالمحصب، وقيل بسرف، أخرج البخاري عن سعيد بن جبير، قال: كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدمه، فلزقت قدمه بالركاب، فنزلت، فنزعتها وذلك بمنى، فبلغ الحجاج فجعل يعوده، فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: أنت أصبتني، قال: وكيف؟ قال: حملت السلاح في يوم لم يكن يحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ورواية سعيد بن جبير... مصرحة بأنه (أي الحجاج) الذي فعل ذلك، قال الشوكاني في نيل الأوطار: وصدور مثلها غير بعيد من الحجاج فإنه صاحب الأفاعيل التي تبكي لها عيون الإسلام وأهله.

ومررنا بمنى ومسجد الخيف، والجمرات، ومقبرة المعلاة، ومسجد عائشة بالتنعيم، وحارات مكة القديمة والجديدة، واشترى لي الأخوان عبد الله التوم وتركي الفضلي ما يسمى بمد النبي صلى الله عليه وسلم وصاعه، أروي إسنادهما من طريق شيخنا يحيى المدرسي حفظه الله تعالى.

ومن الشيوخ الذين زرناهم:

الشيخ أحمد بن عبد الله الرقيمي:

سمعنا منه المسلسل بالأولية، والمسلسل بالمحبة، وسمعنا عليه أوائل الكتب الستة وصحيح ابن حبان، والمسلسل بالشافعية، ودعاء ختم المجلس، وأجاز لي ولزوجتي وبناتي وأسباطي، وأصهاري، وتلاميذي، ثم استجازني لنفسه فترددت فأصر، وقال: أجزني تدبيجا، فامتثلت لأمره، وأسمعت أولاده المسلسل بالأولية، وأجزتهم.

وهو أبو محمد أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز الرقيمي القديمي الشافعي المكي، ولد عام 1350هـ بقرية وصاب بن علي السافل باليمن السعيد، نشأ في حجر والديه (رحمهما الله) وفي بيت فضل وعلم، وتربى في دار جده حيث تلقى مبادئ العلوم على والده السيد عبدالله وعمه السيد محمد رحمهم الله رحمة الأبرار، وبعد وفاتهما لازم ابني عمه (السيد خالد بن عبد الباقي الرقيمي، والسيد أحمد بن عبد الباقي الرقيمي ) ملازمة الظل للشاخص فأخذ عنهما جميع العلوم والفنون إلى عام 1384هـ حيث قدم مكة المكرمة بقصد الحج وطلب العلم الشريف والمجاورة فحقق الله له ما يريد، فنهل من معين العلماء في البلد الحرام ومن الوافدين، ثم التحق بمعهد الحرم ونال شهادته، والتحق بجامعة أم القرى كلية الشريعة ونال شهادتها عام 1401هـ.

ومن شيوخه أيضًا: عمر اليافعي اليمني المكي المدني، وسالم باطالب الحضرمي اليمني المكي، ومحمد العربي التباني، والسيد علوي بن عباس المالكي الحسني، ومحمد خير بن يار محمد الهندي، وحسن بن محمد مشاط، وعبد الله بن أحمد دردوم، وعبد العزيز بن عبد الله السبيل الغيهبي، وعثمان بن محمد سعيد تنكل، ومحمد نور بن سيف بن هلال، ومحمد بن أمين الكتبي الحسني، ومحمد ياسين الفاداني، وعبد الله بن سعيد اللحجي، وآخرون.

ودرَّس بالمسجد الحرام، وبداره العامرة بشارع المنصور وقف المدرسة الصولتية، وألف عدة رسائل منها: رسالة في الرد على من قال أن النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في أمور الدنيا فيصيب ويخطئ، ورسالة في وقوع طلاق الثلاث، ورسالة في العقيدة وغيرها، وجميعها مخطوطة إضافة إلى بعض التقييدات والتقريرات والتعليقات والحواشي على أغلب الكتب التي درسها في جميع العلوم.

الشيخ قاسم البحر:

سمعنا منه المسلسل بالأولية، وسمعنا عليه أوائل الكتب الستة، وأجاز لنا، وأجاز لأولادي وتلاميذي، ووكلني بالإجازة نيابة عنه.

وهو العلامة قاسم بن إبراهيم بن حسن البحر القديمي الحسيني، يروي عن السيد محمد عربي بن المفتي محمد بن سليمان الإدريسي الأهدل الزبيدي، والعلامة عبده بن أحمد الإدريسي الأهدل، والشيخ عبد الجليل بن علي بن إسماعيل خليل الزبيدي، والسيد عبد الله بن عبد القادر الأنباري الزبيدي، وعدد كبير، وأقتصر هنا على إسناد نادر له لصحيح البخاري، قال:

أرويه عن شيخنا العلامة مفتى الأنام وعمود رحى الإسناد بالديار الزبيدية شمس الإسلام السيد محمد بن سليمان إدريسى بن محمد بن سليمان (الأوسط) بن عبد الله بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل الزبيدي، عن والده العلامة نفيس الإسلام السيد سليمان إدريسى بن محمد بن سليمان (الأوسط) بن عبد الله بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل الزبيدي، وعن عمه صنو أبيه صفى الإسلام ومفتى الأنام السيد أحمد إدريسى بن محمد بن سليمان (الأوسط) بن عبد الله بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل الزبيدي، كلاهما عن والدهما السيد العلامة محمد بن سليمان(الأوسط) بن عبد الله بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل الزبيدي، عالياً عن جده لأمه وجيه الإسلام ومفتى الأنام محدث الديار اليمنية ومسندها السيد العلامة عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل الزبيدي، عن والده نفيس الإسلام ومفتى الأنام أبى الربيع وأبى المحاسن السيد سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل الزبيدي، عن شيخه العلامة صفى الإسلام السيد أحمد بن محمد شريف مقبول الأهدل الزبيدي، عن شيخه وخاله السيد يحيى بن عمر مقبول الأهدل الزبيدي، قال: أخبرنى به شيخى العلامة شيخ الإسلام ومفتى الأنام صفى الدين أحمد بن إسحاق بن محمد بن جعمان قراءة منى عليه غير مرة، قال أخبرنى به شيخى ووالدى شيخ الإسلام ومفتى الأنام جمال الدين إسحاق بن محمد بن جعمان، قال أخبرنى به شيخى ووالدى الشيخ الإمام شيخ الإسلام ومفتى الأنام جمال الدين محمد بن إبراهيم بن جعمان، قال أخبرنى به عمى الشيخ الإمام شيخ الإسلام ومفتى الأنام جمال الدين محمد بن أبى القاسم بن إسحاق بن جعمان، قال: أخبرنى به شيخى ووالدى العلامة الشيخ الإمام شيخ الإسلام ومفتى الأنام شرف الدين أبو القاسم بن إسحاق بن جعمان، قال أخبرنا به شيخنا العلامة الشيخ الإمام شيخ الإسلام ومفتى الأنام شرف الدين أبو القاسم بن محمد بن الطاهر بن أحمد بن عمر بن جعمان، قال: أخبرنى به مشايخى الأئمة الأعلام شيخى ووالدى الفقيه الصالح العلامة جمال الدين الطاهر بن أحمد بن عمر بن جعمان، وشيخى الفقيه الصالح العلامة برهان الدين إبراهيم بن أبى القاسم بن جعمان، وشيخى الفقيه الصالح العلامة تقى الدين عمر بن محمد بن جعمان، وشيخى وأخى العلامة صفى الدين أحمد بن محمد الطاهر بن جعمان، فالأول والثانى يرويانه عن الفقيه الصالح ولى الله تعالى أحمد بن عمر بن جعمان، والثالث والرابع يرويانه عن الفقيه الصالح المعمر عبد الله بن عمر بن جعمان، عن الفقيه أحمد بن عمر بن جعمان، قال أخبرنى به الفقيه برهان الدين إبراهيم بن عبد الله بن جعمان، عن الفقيه جمال الدين محمد بن موسى الذؤالى، عن والده الفقيه موسى بن محمد الذؤالى، عن والده، عن الفقيه برهان الدين إبراهيم بن عمر العلوى، عن الإمام الحافظ شهاب الدين أحمد بن أبى الخير بن منصور الشماخى، عن والده الفقيه الإمام الحافظ أبى الخير بن منصور الشماخى، عن المشايخ الأجلاء الأعلام أبى بكر بن أحمد بن محمد الشراحى، ومحمد بن إسماعيل الحضرمى، وبطَّال بن أحمد الركبى، وعبد السلام بن عبد المحسن الأنصارى، وسليمان بن خليل العسقلانى، عن الشيخ أبى عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبى الصيف اليمنى، والشريف يونس بن يحى بن أبى البركات الهاشمى، عن الشيخ أبى الحسن على بن حميد بن عمار الأطرابلسى، عن الشيخ أبى مكتوم عيسى بن الحافظ أبى ذر الهروى، عن والده الإمام أبى ذر الهروى، عن الشيوخ الثلاثة:أبى محمد عبد الله بن أحمد بن حمَويه السرخسى، وأبى إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملى، وأبى الهيثم محمد بن المكى بن الكُشميهنى، عن الشيخ أبى عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفِربرى، عن الإمام الحافظ أمير المؤمنين فى حديث سيد المرسلين أبى عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفى البخاري.

الشيخ محمد آدم الصومالي:

سمعنا منه المسلسل بالأولية وأجاز لي، ولم يتيسر لبناتي السماع منه والإجازة، وهو صاحب شرح صحيح مسلم محمد بن الشيخ العلامة علي بن آدم بن موسى الإتيوبي، ولد سنة 1366ه تقريباً، ومن شيوخه: والده، قرأ عليه كتب العقائد، وكتب الفقه الحنفي، كمختصر القدوريّ، مع شروحه، وكنز الدقائق مع شرح العيني، وتنوير الأبصار مع شرحه، والفوائد السمية شرح الفرائد السنية، ومن كتب أصول الفقه، المنار وشرحه، وحواشيه، والتوضيح لصدر الشريعة، مع شرحه التنقيح، وكتاب التسهيل، وجمع الجوامع مع شرح المحليّ، وحاشيتي البناني والعطار، ولب الأصول مع شرحه، وقرأ عليه التلخيص للقزويني في البلاغة مع شروحه، وقصيدة حرز الأماني في القراءات السبع للشاطبي مع شرحها سراج القاري، و”صحيح البخاري”، وبعض كتب علم الحساب، وعلم الجبر والمقابلة، وكتب علم الميقات، وتعلم منه الرُّبْع الْمُجَيَّب، وأجازه بلفظه، وكتب له إجازة فائقة، ومن شيوخه أيضًا الشيخ محمد قيُّو ابن وديّ، والعلامة النحويّ اللغويّ الأديب الشيخ محمد سعيد بن الشيخ علي الدَّرّيّ، أخذ منه بعض الصحيحين، والنحو، والصرف، والبلاغة، والمنطق، والمقولات العشر، وآداب البحث والمناظرة، وأصول الفقه، وبعض الفواكه الجنية للفاكهيّ، وألفية ابن مالك، وشرح ابن عقيل عليها، وحاشية الخضري عليه، ومجيب الندا على قطر الندى مع مراجعة حاشية ياسين الحمصي، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب مع مراجعة حاشيتي الدسوقي والأمير، وشافية ابن الحاجب مع مراجعة شروحها، وكتب البلاغة، كتلخيص القزويني مع شرحه وحواشيه، وكتب المنطق، كالسلم المنورق وشروحها، وحواشيها، والإيساغوي وشروحها، ومتن الشمة، والمقولات العشر، ورسالة في علم الوضع، ومن كتب أصول الفقه، المنار وشروحها وحواشيها، وكتب له إجازة فائقة، ومنهم العلامة النحوي خليل زمانه، وسيبويه أوانه الشيخ عبدالباسط بن محمد بن حسن الإتيوبيّ البورنيّ الْمِنَاسيّ، تلقى منه العلوم العربية، وغيرها، فقرأ عليه إعراب المقدمة الأجرومِيَّة، وملحة الإعراب، وشرحها كشف النقاب، والفواكه الجنية، ونظم طلعة الأنوار في مصطلح الحديث، وأجازه، ومنهم الشيخ إسماعيل بن عثمان زين اليمني أخذ منه حديث الرحمة المسلسل بالأوليّة أوليةَ حقيقيّة، والمسلسل بتحريك الشفة، وقرأ عليه كثيرًا من “موطأ الإمام مالك”، وكثيرًا من “صحيح البخاريّ”، وكثيرًا من “سنن النسائيّ”، وسمع عليه بقراءة غيره كتبًا أخرى، وأجازه إجازة فائقة، وناوله ثبته، وله شيوخ غيرهم.

الشيخ اللهيبي:

وسمعنا منه المسلسل بالأولية، وسمعنا عليه أحاديث من صحيح مسلم من كتاب الإيمان بقراءة أخينا تركي الفضلي.

وهو على ما ترجم له الأخ تركي الفضلي: الشيخ المحدث أبو سالم سليمان بن سالم بن عبيد الله بن سلمان بن سلمي بن ربيعان بن حمود بن وحير بن بديد بن لهيب بن عوف بن مسروح ابن حرب، اللهيبي، ولد عام 1344 في قرية القاحة من قرى منطقة بدر قرب المدينة النبوية تقع جنوب غربها، أخذ عن الشيخ علي بن حسين الصغير التوحيد والعقيدة في مسجد النقاء، ودرس الفرائض عند الشيخ محمد البلادي، ودرس في دار الحديث بالحرم المكي في الصفا ( دار الأرقم ) عام 1370 هـ وتخرج منها عام 1380هـ، ومن شيوخه في دار الحديث: الشيخ العلامة محمد بن عبدالرزاق بن حمزة تقي الدين بن محمد عالم المصري المكي (1308 – 1392): درسه في صحيح مسلم، وأبي داود، والتفسير، والشيخ العلامة المحدث أبو محمد عبدالحق بن عبدالواحد بن محمد الهاشمي (1302-1392): درسه في صحيح البخاري، وسنن النسائي، والتفسير ( تفسير القرآن بالقرآن والسنة مؤلف له )، وبعضا من سنن النسائي بالحرم المكي بين المغرب والعشاء، (أجازه بإجازة الرواية، والمد النبوي)، والشيخ العلامة أبو سعيد محمد عبدالله نور إلهي بن شهرت إلهي الهندي اللكنوي (1310 تقريبا – 1400): درسه في الترمذي، وابن ماجه، والفرائض، واجازه في الصحيحين والسنن الأربعة، والشيخ العلامة المحدث محمد بن عبدالله بن احمد بن حسن الأغاديني الصومالي (1335 تقريبا -1420): درسه في الأربعين النووية، والنحو: الآجرومية، وملحة الإعراب، والمصطلح: نزهة النظر شرح نخبة الفكر، واختصار علوم الحديث لابن كثير، والشيخ محمد بن عمر بن عبدالهادي الشايقي السوداني (1321-1416): ودرسه في تفسير الجلالين، والتوحيد (الواسطية وكتاب التوحيد)، واختص بالقراءة عليه أخونا تركي الفضلي، ولعله لم يجز غيره.

الشيخ الهرري:

سمعنا منه المسلسل بالأولية، وأجاز لنا، و وهو صاحب الشرح الكبير لصحيح مسلم محمد أمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن أبو ياسين الأرمي العلوي الأثيوبي الهرري، نزيل مكة المكرمة، ولد في الحبشة في منطقة الهرر في قرية بويطه في عصر يوم الجمعة أواخر شهر ذي الحجة، سنة ألف وثلاثمائة وثمان وأربعين من الهجرة، وتعلم القرآن وختمه وهو ابن ست سنين، وحفظ من مختصرات فقه الشافعية كثيرا، كمختصر بافضل الحضرمي ومختصر أبي شجاع مع كفاية الاخيار وعمدة السالك لأحمد بن النقيب وزبد أحمد بن رسلان ألفية في فقه الشافعية وقرأ المنهاج لللإمام النووي مع شرحه مغني المحتاج، والمنهج لشيخ الإسلام الاسلام الانصاري مع شرحه فتح الوهاب، وقرأ كثيرا من مختصرات كتب الشافعية ومبسوطاتها علي مشايخ عديدة من مشايخ بلدانه، ثم أخذ عن شيخه أبي محمد الشيخ موسي بن محمد الاديلي، وبدأ عنده دراسة الفقه، بدأ بشرح جلال الدين المحلي علي منهاج النووي، ثم بعد ما وصل الي كتاب السلم حوله شيخه المذكور إلي دراسة النحو لما رأي فيه النجابة والاجتهاد في العلم، وقرأ عليه مختصرات النحو، كمتن الاجرومية وشروحها العديدة ومتن الازهرية وملحة الاعراب مع شرحه كشف النقاب لعبد الله الفاكهي وقطر الندي مع شرحه مجيب الندا لعبد الله الفاكهي، وقرأ الالفية لابن مالك مع شروحها العديدة كشرح ابن عقيل، وشرح المكودي وشرح السيوطي، ثم اشتغل بكتب الصرف والبلاغة والعروض والمنطق والمقولات والوضع، ثم قرأ على الشيخ محمد مديد الاديلي مطولات كتب النحو كمجيب الندا علي قطر الندي، ومغني اللبيب كلاهما لابن هشام والفواكه الجنية علي المتممة الاجرومية، وغير ذلك من مطولات علم النحو، وكان يدرس أيضا جنب حلقة شيخه، وقرأ عليه أيضا التفسير إلي سورة يس، ثم رحل إلى شيخه الشيخ الحاوي، المفسر في زمانه، الشيخ إبراهيم بن يس الماجتي، وقرأ عليه التفسير بتمامه والعروض من مختصراته ومطولاته كحاشية الدمنهوري الكبير علي متن الكافعي، وشرح شيخ الاسلام الانصاري على المنظومة الخرجية، وشرح الصبان على منظومته في العروض وقرأ عليه ايضا مطولات المنطق والبلاغة ولازمه نحو ثلاث سنوات، ثم اتصل بالشيخ الفقيه الشيخ يوسف بن عثمان الورقي و وقرأ عليه مطولات علم الفقه كشرح الجلال المحلي علي المنهاج وفتح الوهاب علي المنهج لشيخ الاسلام مع حاشيته لسليمان البجيرمي، وحاشيته لسليمان الجمل، وحاشيته التوشيح علي متن ابي شجاع، ومغني المحتاج للشيخ الخطيب الي كتاب الفرائض وقرا عليه غير ذلك من كتب الفرائض كحواشي الرحبية والفرات الفائض في فن الفرائض وهو كتاب جيد من مطولاتها، ولازمه نحو أربع سنوات، ثم رحل من عنده الي الشيخ إبراهيم المجي وقرا عليه فتح الجواد لابن حجر الهيتمي علي متن الارشاد لابن المقريء الجزئين الاولين منه. ثم رحل من عنده الي شيخ المحدثين الشيخ الحافظ الفقيه الشيخ احمد بن ابراهم الكري، وقرأ عليه البخاري بتمامه وصحيح الامام مسلم وبعض كتب الاصطلاح. ثم رحل من عنده إلى مشايخ كثيرين، وقرأ عليهم السنن الاربعة والموطأ وغير ذلك من كتب الحديث مما يطول بذكره الكلام، ثم رحل من عندهم إلى شيخه عبد الله نورو القرسي، فقرأ عليه مطولات كتب البلاغة كشروح التلخيص لسعد التفتازاني وغيره، ومطولات كتب أصول الفقه كشرح جمع الجوامع لجلال الدين المحلي، وقرأ عليه من النحو حاشية الخضري علي ابن عقيل. وقرأ على غير هولاء المشايخ كتبًا عديدة من فنون منتوعة، واستجاز من مشايخه هؤلاء كلهم التدريس فأجازوا له.

الأمالي للزبيدي:

وأهدى إلي الأخ تركي الفضلي كتاب الأمالي للحافظ محمد مرتضى الزبيدي (ت 1205هـ)، تحقيق الدكتور تركي بن فهد بن عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود، والدكتور علي بن محمد بن حسين العمران، طباعة دار النهضة العربية سنة 1439هـ، يقول المحققان في التعريف به: "والكتاب واحد من كتب الأمالي...هو ضميمة لمجموعة من المجالس التي عقدها المؤلف لإملاء الأحاديث والأخبار من حفظه ولفظه بأسانيده إلى المؤلفين وكتبهم، بحيث لا يزيد المجلس الواحد عن حديث وخبر، أو شعر وقصة."

وغالبا ما يكون اختيار الإسناد الذي يسوقه للطيفة إسنادية، كعلو أو تسلسل، أو قرب من مؤلف كتاب، أو غير ذلك، وكثيرا ما يلتقي المملي بكتب أصحاب المسلسلات أو الأربعيات أو العوالي والمشيخات."

ويعلق المؤلف على غالب ما يذكره من الأحاديث والأخبار بذكر من صححه أو ضعفه، ويشرح غريبه وشيئا من معناه."

وكانت مجالس الإملاء هذه تعقد في جامع شمس الدين أبي محمود الحنفي، تعقد كل يوم جمعة عقب درس الشمائل المحمدية كما ذكر المؤلف، وعدد المجالس التي أملاها خمسة وثلاثون مجلسا، ساق فيها سبعين حديثا وخبرا وقصة."

الحلقة السابقة هـــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين