مدلول معاني القرية والمدينة في القرآن الكريم

وتفسيراتها الشاذة_من قِبل المهندسَيْـن محمد شحرور وعلي الكيالي لتتوافق مع الفكر العلماني 

عندما تقبل على القرآن الكريم بعقل مجرد يريد أن يستلهم هداياته ، وبقلب نقي يريد أن يستنير بأنواره : فعندها تتفجر للمؤمن طاقات من الفهوم الرائعة ، وتتكشف له معاني بديعة وفتوحات رائقة .

ولكن عندما يقبل على القرآن بفكر قد رسخت فيه شوائب الأفكار البشرية ، وتمكنت فيه نظريات مقطوعة عن وحي السماء فعندها سينتج عنها فهوماً شاذة ، وتحريفات لمعاني القرآن منكرة ، وتفسيرات منفرة مقززة : وهذا ما نجده تماما في قراءة المهندس شحرور لمعاني القرية والمدينة عندما وردت في القرآن الكريم .

ثم يطلع علينا المهندس علي الكيالي بمقطع يردد فيه ما يقوله المهندس شحرور تماما ، ولكن دون أن يشير لذلك حتى لا يفتضح أمره ، ويزيد الكيالي على قرينه أنه بقي (37 ) سنة حتى استطاع أن يصل إلى هذا الفهم ، وأن كل المفسرين المتقدمين والمعاصرين لم يصلوا إلى ما توصل إليه .

مع أن علماء اللغة وبعض المفسرين ذكروا في معاجمهم وكتب تفسيرهم المقصود بهما ولكن نظراً لقلة بضاعة هذين المُهندِسَيْن في العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية وقصور اطلاعهما عليهما أطلقوا هذا على علماء اللغة والمفسرين ليظهرا أنفسهما أنهما حققا سبقاً لم يصل إليه أحد قبلهما ، وعندما تتأمل ما قالوه فتجده اجتزاءً لآيات القرآن وعدم إحاطة بها وتعمداً في تحريف معانيها ، والإتيان بمعاني لا أصل لها في كلام العرب ومخالفة لمقاصد القرآن الكريم ، وهو في الحقيقية توظيف لمصطلحات القرآن بمعانيَ دخيلة تخدم الفكر العلماني : فالقرية حسب فهمهما المشوه هي ما اجتمع أهلها على فكر واحد كالبخل والكفر ونحو ذلك ، فهي أحادية الفكر والسلوك، وعاقبتها الهلاك معتمدين على قوله تعالى : ( وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا ? كَانَ ذَ?لِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ) [الإسراء 58] ، لذلك فإن هلاك قوم لوط بناء على ما توصل إليه الشحرور ليس هو الفاحشة والشذوذ الجنسي ، وإنما عدم قبولهم لبقاء سيدنا لوط فيما بينهم عندما قالوا له : ( أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) .

والمدينة ما كان فيها شر وخير وكفر وإيمان ، فهي ذات طبيعة تعددية في أفكارها وسلوكها ، وهي بهذا قابلة للعيش والبقاء والارتقاء .

لذلك يشوه المهندس شحرور المجتمع الذي أقامه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة فيظهره بصورة مظلمة ظالمة بأنه قائم على التعددية ففيه الإيمان والكفر ، والنفاق ودور البغاء وحانات الخمور.

وبدل أن يستدلا على ما ذهبا إليه بما جاء في معاجم اللغة وكلام العرب جاءا بعبارات عصرية عامية فاستدلا على ذلك بمايقال في عصرنا الحاضر القرية السياحية والقرية الرياضية…!!

والغريب أنهما لم يأتيا باستعمال آخر متداول كذلك وهو ( القرية العالمية ) والتي لا تقتصر على نمط واحد وتخصص واحد لشعب واحد .

الجواب العلمي :

قبل أن أورد معاني القرية والمدينة في القرآن الكريم ، سأكتفي الآن بالآيات التي تدل على عكس تفسيرهما لهما ، وتنقض ما ذهبا إليه ، وتنسف هذه المفاهيم من أصولها .

1- هلاك القرى ليس على إطلاقه في قوله تعالى : ( وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) ، وإنما مقيد بظلم أهلها وما ينتشر فيها من كفر وفساد وطغيان ، وهذا ما فصلته الآيات الأخرى مثل قوله تعالى : {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} [الكهف: 59] ، والقرآن يفسر بعضه بعضاً .

2- ليست أحادية الفكر والسلوك هي السبب في دمار القرى وهلاكها ، بل إن الأحادية في "القرى" عندما تقوم على قاعدة الإيمان بالله وتقوى السلوك فإنهما سبب لبقائها ونزول خيرات السماء وبركات الأرض ، فقال الله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى? آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَ?كِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) [ الأعراف : 96 ] .

وكذلك أطلق الله تعالى مصطلح "القرية " على أناس في أحادية من السلوك الإيماني يعيشون بأمان واطمئنان ، ورغد من العيش ببركة التقوى وشكر نعم الله تعالى ، فكان إطلاق مصطلح "القرية" صفة مدح لهم ، وبالمقابل عندما ظهرت احادية قائمة على الفساد والكفر بنعم الله ، واستعمالها في الفجور والطغيان سلبهم اياها وحلّ فيهم الجوع والخوف ، قال الله تعالى :

( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) [ سورة النحل: 112 ].

3- ليست التعددية في الفكر والسلوك هي بذاتها السبب في بقاء المدن وارتقائها ، فلقد أطلق الله تعالى على بعض القرى أهلكها مصطلح "المدينة " مع أنهم كانوا في أحادية الفكر والسلوك فمن ذلك قوله تعالى عن قوم لوط : ( وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ *قَالَ إِنَّ هَ?ؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ) [الحجر: ?? ] ، مع أنه أطلق عليهم في آية أخرى مصطلح "أهل القرية" فقال تعالى : {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى? قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَ?ذِهِ الْقَرْيَةِ ? إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ ) [ العنكبوت : 31 ]

وكذلك الحال بالنسبة لقوم ثمود فقد سمى القرية التي يعيشون فيها "مدينة" فقال الله تعالى ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون ) [ النمل : 48 ] .

وفي كلتا المدينتَـيْـن مدينة قوم لوط ومدينة قوم ثمود قد وقع عليهما الهلاك .

المفهوم الشامل للقرية والمدينة في القرآن الكريم ، وسرِّ تورادهما على مكان واحد .

مدلول معاني القرية والمدينة في القرآن الكريم

سميت القرية (قرية) في القرآن الكريم لأمرين :

الأمر الأول : 

من القِرى وهو الكرم ، وسميت بذلك لأن غالب أهل القرى أو القرية يكرمون الداخلين عليهم ، لذلك فإن أهل حمير يطلقون في لغتهم على القرية (القِرية : بكسر القاف ) ، وهذا نجده في قوله تعالى (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا) فأهل القرية أكرموا أخوة يوسف ، وهذا كذلك وقع من سيدنا يوسف عليه السلام عندما أكرم إخوته ومن يفِد عليه فقال : (أَلَا تَرَوْنَ أَنِّى? أُوفِى ?لْكَيْلَ وَأَنَا? خَيْرُ ?لْمُنزِلِينَ) أي خير المضيفين والمكرمين .

الأمر الثاني : 

سميت "قرية" لأن أهلها مجتمعون فيها ، قال ابن فارس في "مقاييس اللغة " : ( "قَرِيَ" الْقَافُ وَالرَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى جُمَعٍ وَاجْتِمَاعٍ. مِنْ ذَلِكَ الْقَرْيَةُ، سُمِّيَتْ قَرْيَةً لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا ، وَيَقُولُونَ: قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْمِقْرَاةِ: جَمَعْتُهُ، وَذَلِكَ الْمَاءُ الْمَجْمُوعُ قَرِيٌّ. وَجَمْعُ الْقَرْيَةِ قُرًى) .

وقال الراغب الأصفهاني في "مفردات القرآن الكريم " : ( الْقَرْيَةُ : اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس ، وللناس جميعا ، ويستعمل في كلّ واحد منهما، وقَرَيْتُ الماء في الحوض ، وقَرَيْتُ الضّيف قِرًى ، وقَرَى الشيء في فمه : جمعه ، وقَرَيَانُ الماء : مجتمعه ) .

ومنه قوله تعالى : (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَ?ذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ ) [الأعراف :161]

أما المدينة فإنها سميت في القرآن الكريم "مدينة" كذلك لأمرين :

الأمر الأول : 

سميت (المدينة) بالمدينة لاتساعها وانتشارها ، وهذا نلمسه في قوله تعالى في سورة يوسف (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ) لم يقل (قرية) لأن خبر مراودة العزيز ليوسف تحدثت به النسوة وانتشر واتسع في المدينة .

الأمر الثاني : 

سميت "المدينة" بالمدينة عند أهل اللغة والمعاجم من الإقامة والاستقرار قال ابن منظور في "لسان العرب" : ( مَدَنَ بالمكان: أَقام به، فِعْلٌ مُمات، ومنه المَدِينة، وتُجمَع على مَدَائن، ومُدْنٍ ومُدُن ) ، وهذا نجده في قوله تعالى عن سيدنا موسى عليه وسلم : {ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها ) فسيدنا موسى هو من اهل المدينة التي ولد فيها وتربى فيها قال تعالى {قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين}?? الشعراء

ومنه قوله تعالى عن المنافقين : {يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} [ المنافقون : 8 ] ، لأن المنافقين هم من اهل المدينة .

أربعة مواضع في القرآن الكريم أطلق الله على نفس المكان مرة "قرية" ومرة "مدينة " وهي :

1- في سورة يوسف قال تعالى : (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ? وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) وقال : (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ? ) ، في كلا الآيتين أطلق الله تعالى (القرية والمدينة) على مسمى واحد وهو مصر .

2- في سورة الكهف في قوله تعالى : (وأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ) فسماها (مدينة) مع أنه في أول القصة سماها (قرية) في قوله تعالى : (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا ) [الكهف:77]

3- في سورة "يس " في قوله تعالى : (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى) سماها "مدينة" مع أنه سماها في أول القصة "قرية)" في قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) 

4- في سورة الحجر في قوله تعالى : ( وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ *قَالَ إِنَّ هَ?ؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ) ، أطلق على نفس هذه المدينة في سورة العنكبوت "القرية " قال الله تعالى : ( وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى? قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَ?ذِهِ الْقَرْيَةِ ? إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31) قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا ? قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا ? لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ ) .

يدعي المهندس الكيالي أنه لم ينتبه لذلك أحد قبله من المفسرين ، ولم يفسرها أحد قبله ، مع أن بعض المفسرين تنبهوا لذلك ، واجتهدوا في بيان الحكمة في ذلك ، ولكن وفق منهجية علمية ولطائف بلاغية منهم على سبيل المثال لا الحصر :

1- العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله في في تفسيره "التحرير والتنوير " عند قوله تعالى في سورة يوسف "وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا" : ( والمراد بها مدينة مصر والمدينة والقرية مترادفتان. وقد خصت المدينة في العرف بالقرية الكبيرة) .

ثم قال في سورة "يس " عند قوله تعالى : "وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى" : ( والمراد بالمدينة هنا نفس القرية المذكورة في قوله : "أصحاب القرية " عبر عنها هنا بالمدينة تفنناً، فيكون "أقصى" صفة لمحذوف هو المضاف في المعنى إلى المدينة . والتقدير : من بعيد المدينة ، أي طرف المدينة ، وفائدة ذكر أنه جاء من أقصى المدينة الإشارة إلى أن الإيمان بالله ظهر في أهل ربض المدينة قبل ظهوره في قلب المدينة لأن قلب المدينة هو مسكن حكامها وأحبار اليهود وهم أبعد عن الإنصاف والنظر في صحة ما يدعوهم إليهم الرسل ، وعامة سكانها تبع لعظمائها لتعلقهم بهم وخشيتهم بأسهم بخلاف أطراف سكان المدينة فهم أقرب إلى الاستقلال بالنظر وقلة اكتراث بالآخرين لأن سكان أطراف المدينة غالبهم عملة أنفسهم لقربهم من البدو ) اهـ . 

2- وقال العلامة الألوسي في تفسيره "روح المعاني" عند قوله تعالى : "وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ " : ( هي القرية المذكورة فيما سبق، ولعل التعبير عنها بالمدينة هنا لإظهار نوع اعتداد بها باعتداد ما فيها من اليتيمين وما هو من أهلها وهو أبوهما الصالح. ولما كان سوق الكلام السابق على غير هذا المساق عبر بالقرية فيه ) اهـ .

ولعل السرّ في مزاوجة القرآن الكريم بين هذه الألفاظ فأحيانا يطلق على نفس المكان مرة "قرية" ومرة "مدينة " هو بحسب السياق القرآني الذي جاءت به ، وللطائف بلاغية يدركها المتدبرون لها ، ولعل الحكمة في ذلك ما يأتي : 

1- قوله تعالى: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ ) فهؤلاء النسوة هم من سكان المدينة واهلها المقيمين فيها .

وقد أطلق عليه قرية في قوله تعالى : (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ) لأن إخوة يوسف ليسوا من أهل المدينة ، بل لهم فيها حاجة فكانت قرية بالنسبة لهم ليقتروا منها حاجياتهم .

2- قوله تعالى : ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ )[الكهف:82] ، أن أهل القرية خالفوا ماهو معروف ومشهور عن أهل القرى من إكرام الضيف ، وهذا ما يشير له قوله تعالى : "فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا". 

وكذلك فإن سيدنا موسى والخضر عليهما السلام أجنبيان عن القرية ، بينما الغلامان اليتيمان فهما مواطنان يعيشان في المدينة .

3- وأما قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) فالمرسلون ليسوا من أهل هذه القرية ، ولكنهم جاؤوا إليها لحاجة وهي الدعوة الى الله .

وقوله تعالى : (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى) فسماها "مدينة" مع أنه سماها في أول القصة "قرية ، وذلك لأن خبر مجيء الرسل ودعوتهم للناس انتشر في المدينة ، وكذلك فإن هذا الرجل الصالح كان يعيش في أقصى المدينة فوصل إليه الخبر .

4- في قوله تعالى : ( وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ) فهم هم اهلها وسكانها المقيمون فيها ، ولكنه أطلق عليها "قرية في قوله تعالى : ( قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَ?ذِهِ الْقَرْيَةِ ? إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ) لأن الملائكة ارسلوا لإهلاك قوم لوط اي لهم فيها حاجة ولكنهم في نفس الوقت فإن الملائكة ليسوا من سكانها أو من اهلها .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين