ركز على الهدف وليس الإمكانات

لقد وجدت بالممارسة العملية أن من أكبر المشكلات التي يقع فيها الفرد أو المؤسسة هي عدم التركيز على الهدف من خلال الانشغال بالوسائل والفرص والامكانات المتاحة دون تمييز هل هذه الامكانات تحقق لي الهدف أو لا!!!

فالأصل أني آخذ من الفرص والوسائل والامكانات ما يحقق لي الهدف فقط وليس مطلق الوسائل والامكانات لمجرد أني أستطيع عملها فأنا لا اركب اي سيارة لمجرد أنها واقفة بانتظاري وممكن أن اركب فيها بل لا بد من التأكد انها تقودني لوجهتي التي أريد.

كثير من الناس يتبع الوسائل والامكانات لمجرد انها متيسرة وممكن عملها دون ترو ودراسة فيضيع منه الجهد والكلفة والوقت الكثير.

فهذا يدخل كلية لمجرد ان معدله يؤهله للدخول فيها لا لأنها تحقق حلمه وهدفه ورغبته.

وهذا شخص يلج التجارة لمجرد وجود فرصة للدخول فيها ووجود مال فائض يملكه دون وجود مؤهلات.

وتلك مؤسسة تدخل نفسها في أنشطة لا تحقق أهدافها لمجرد أنها تستطيع ممارسة هذه الانشطة مثل مؤسسة ثقافية تعمل مشروعا لتشغيل العاطلين عن العمل.

إن من أسباب عدم التركيز على الهدف واتباع الفرص والوسائل والامكانات بعشوائية:

اولا: عدم وجود هدف محدد أصلا فتجد الفرد والمؤسسة تركض خلف كل نشاط حيث لا يفرق الأمر عندها كثيرا فالمهم عندها ولسان حالها هو أن أتحرك حتى ولو دون جدوى!!!!!

ثانيا: الهدف موجود لكن هناك عدم قدرة على التمييز بين الفرصة والوسيلة والامكانية التي تحقق الهدف والتي لا تحققه فيضيع الكثير من الوقت والجهد في التجريب والمحاولة.

ثالثا: اغراء الفرصة والوسيلة والامكانية المتاحة بحيث يصعب على الفرد والمؤسسة مقاومتها فيتعلق فيها في الوقت الذي تبعده عن وجهته يوما بعد يوم.

رابعا: الوقوع في فخ وهم الكم على حساب الكيف والنوع فيصبح المعيار هو انتهاز كثرة الفرص والوسائل والامكانات وليس نوعها وكيفها ومقدار تأثيرها في تحقيق الهدف

يقول سبحانه: "ليبلوكم ايكم أحسن عملا"

أي أجود وأفضل واكثر نفعا وأثرا لا اكثر كما وحجما.

إن للصلاة هدفا من تقريب العبد لربه وانتهائه عن الفحشاء والمنكر والذي يحقق ذلك نوع الخشوع وجودته لا كثرة عدد الركعات التي لا يشعر المرء بأثرها

"قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون"

وكذلك الصيام كما يقول صلى الله عليه وسلم :"رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر".

لم يذهب النبي صلى الله عليه وسلم الى الحبشة لمجرد انه كان يستطيع الذهاب اليها لان ذلك لا يحقق هدفه.

ولم يفتح مكة عنوة في الحديبية مع أنه كان قادرا على ذلك بل صبر حتى ظفر بفتحها سلما عند الظرف المناسب.

إن الحياة مليئة بالفرص والوسائل والامكانات المتاحة لكن ليس كلها تناسب أهدافك وما تصبو اليه سواء كنت فردا او مؤسسة بل انتق منها ما يحقق الهدف ورتبها حسب اولوياتها فان تحقيق الهدف هو المعيار للاخذ بكل فرصة او وسيلة او امكانية متاحة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين