مَن يَلوم العامّة ، لعجزها عن إصلاح شأنها ، وتوحيد صفوفها!

هذا هو حال الأكثرية ، في كل شعب ، ياصديقي ! مع الفروق ، بين شعب وآخر. وقد وصفَ الله أكثرَ عباده: بأنهم لايعلمون ، وبأنهم لايؤمنون !

ابحث - يارعاك الله - عن القلّة القليلة المخلصة المؤهّلة ، التي توجّه الناس ، وتقودهم ! ونسبتُها ضئيلة، في مجتمعك ، وفي غيره ، وقد لا تبلغ النسبة ، واحداً ، في عشرة آلاف ، وربّما في مئة ألف ، في كلّ مجتمع ! ويسمّيها بعض الناس ، نُخبة ! وقد تسمّى : مَلأ ، أو سَراة ، أو صَفوة .. أو أهلَ الرأي ، أو أهل الحلّ والعقد ..! وهؤلاء كانوا قلّة ، حتى في مجمتع الصحابة ؛ فليس الصحابة، كلهم : مثل العشرة ، المبشّرين بالجنة ، ومَن هم في مستواهم ، علماً وخُلقاً !

وقد قال الشاعر القديم : لا يَصلحُ الناسُ فوضى ، لاسَراةَ لهمْ = ولا سَراةَ ، إذا جُهّالهمْ سادُوا !

فابحث عن هؤلاء ، يرحمك الله ! ومَن تجده منهم ، فحمّله مسؤوليته : أمام نفسه ، وأمام الله ، وأمام الناس ، وعضّ عليه بالنواجذ ! ثمّ ابحث عن غيره ، مِن أمثاله ! ولا تُضِعْ وقتك ، في لوم العامّة ، وتحميلها مسؤولية ، فوق طاقتها؛ فهي مشغولة بأرزاقها، وهمومها الصغيرة الخاصّة ! 

ليست الشهادات الجامعية مقياساً ، للمفاضلة بين الناس ؛ فقد تجد رجلاً ، يحمل أعلى الشهادات العلمية ، ثم تجد همّه محصوراً ، في البحث عن لقمة عيشه ، أو في جمع الأموال ، أو في اهتماماته الأسرية الخاصّة .. غافلاً ، أو متغافلاً ، عن الأمّة وشؤونها ، ومصائبها .. فهذا لاينفعك بشيء ، فدعه وشأنه !

وقد تجد رجلاً صاحب حرفة ، لديه من الوعي والإخلاص ، والاهتمام بالشأن العامّ ، والقدرة على التأثير في الآخرين ، أكثر من مئات الجامعيين ، من حملة الشهادات العليا ! فهذا يُعَدّ من النخبة ، التي تنفع الناس ، وتصلح لتوجيههم ، أو قيادتهم في : حيّه ، أو مجتمعه ، أو بين أقرانه، أو زملائه ، أو نظرائه ، في الحرفة ! 

وقد تجد رجلاً قبَلياً ، له تأثير إيجابي ، في قبيلته ، أكثر من تأثير وجيه ، أو زعيم ، في القبيلة ! فهذا يُعَدّ ، في موقعه ، من النخبة ، التي تصلح لتوجيه الناس ، وقيادتهم ..!

فاعرف الثغرة ، التي تريد سدّها ، ثمّ ابحث ، عمّن هو مؤهّل لسدّها ؛ وإلاّ أضعت وقتك وجهدك، عبثاً !

وسبحان القائل : ومَن يؤتَ الحكمة فقد أوتيَ خيراً كثيراً .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين