إليكم أيها المقبلون على الزواج 

 

إليك أيتها الزوجة الكريمة وإليك أيتها الفتاة المقبلة على الزواج

وإليك أيها الزوج العاقل

البعض ينادي بتحرير المرأة ومنافسة الرجال في جميع ميادين العمل ، تحت شعار الحرية والمساواة والحصول على الحقوق : إلى غير ذلك من الشعارات البراقة للوصول إلى ما وصلت إليه المرأة الغربية من الاستقلالية والتحرر .

والعاقل من ينظر إلى تجارب الغرب بعد الثورة الصناعية في بداية القرن التاسع عشر وكيف أخرجوا المرأة من بيتها ، لتتكفل نفقاتها بنفسها ، وجعلوها في كثير من الأحيان مجرد متاع رخيص لشهواتهم ، ووسيلة إعلانية لمنتجاتهم ، وشجعوها على التمرد ، وحرضوها على الرجال بحجة المطالبة بحقوقها ، وقد نالت أكثر مما كانت تصبو إليه من الحقوق ، وصدرت قوانين تحميها بل تتحكم بزوجها وصديقها وتستطيع إذلاله .

وبعد أن خاضت المرأة الغربية هذه التجربة لأكثر من مائتي سنة تقريباً ، فإنه من الأهمية بمكان أن نفكر بالثمرات والنتائج التي آلت إليها تلك المرأة الغربية ، والحالة النفسية والاجتماعية التي أصبحت عليه ، والواقع المرير الذي تعيشه بعد أن نالت كل شيء ، وهل هذا يصب في مصلحة المرأة ؟ 

هل هي أمّ كريمة يبرها أولادها ، ويقفون بجانبها في مراحل العمر المختلفة وفي شيخوختها خاصة ؟

هل هي زوجة كريمة يحرص زوجها على الغيرة عليها والمحافظة عليها إلى الممات ؟

هل هي أخت كريمة يغار عليها أخوها ويصونها ؟

هل هي امرأة تقف أسرتها بجانبها في الملمات وفي ظروف العيش القاسية ؟

هل يعطف عليها الجيران ويحرصون على مؤانستها وتعويض ما فقدته من السعادة ؟

أنا لا أنكر أن هناك في دول الغرب بعض المحافظين على العادات الأصيلة ولكن نسبتهم قليلة ، ولا أنكر ان هناك جمعيات وهيئات تحافظ على كبار السنّ وترعاهم ، ولكنها لا تستطيع أن تعوضهم هذا الحرمان العاطفي والعزلة القاتلة التي يعانون منها .

التقيت البارحة بأخ كريم عاش في الغرب لسنوات طويلة ولا زال يتردد إليه حدثني عن نموذج للمرأة رآه بعينه ويعتبر ظاهرة متفشية : وهو أن المرأة هناك إن لم تكن متزوجة - والزواج عندهم صارت نسبته قليلة ومخيفة- ، وإن لم يكن لها صديق دائم يعيش معها ، قد تنجب ثم تُـطلَّق أو يتخلى عنها صديقها ، فتقوم بتربية هؤلاء الأولاد وعند بلوغهم سنة الثامنة عشرة أو أقل فإنهم يتخلون عنها ، ثم تعيش منفردة وقد يكون لها دخل لا يغطي جميع حاجاتها ، وإذا كانت لا زال عندها لمسات من الجمال وحسن القوام فإنها تبحث من خلال الحانات والفنادق والحدائق والمراكز التجارية عن صديق جديد ، وقد يكون صاحب مهنة أو وظيفة يعيش بعيدا عن منطقتها : فترضى بأن يأتيها مساء الجمعة ويوم السبت إلى مساء الأحد وقد حمل صندوقاً من الخمر ليشربه معها ويسهرا معاً ، ويتمتع بها دون مقابل ، ثم تتحايل عليه ليدفع لها ثمن فاتورة هاتفها أو يسدد لها شيئا من ديونها ، وبعد مدة يملّ منها ويتركها ، ثم تبدأ مهمة البحث عن اصطياد رجل آخر .

وأما إذا فقدت جمالها وأهملت قوامها وتجاوز عمرها الأربعين فلن تجد من يرغب بها ، فتصبح فريسة العزلة والوحدة والكآبة والقلق .

لهذا بدأ عقلاؤهم يفكرون بهذا الوضع المأساوي الذي وصلت إليه أحوالهم الأسرية والاجتماعية ، ويطرحون حلولا ًقبل يصلوا إلى حالة أخطر مما هم فيه .

1- لذلك أقول لك أيتها الزوجة الكريمة احمدي الله على نعمة الإسلام وتعاليمه ، واحرصي على إسعاد زوجك والمحافظة على كيان أسرتك من الانهيار ، وابتعدي عن الإصرار على المطالبة بالطلاق عندما تحصل بعض المشكلات : تجملي بالصبر ، وحاولي تفهم شخصية زوجك ، وكوني عونا لها على كل ما يؤدي الى الارتقاء بأسرتك ، لا تتعاملي معه معاملة النِّـد للنِّـد وكأن العلاقة علاقة كسر إرادة وإثبات ذات كالذي يريد أن يصارع الآخر ، لا تجعلي للنكد سبيلاً لحياتكما ، ولا للتنغيص طريقاً إليكما .

2- وأنت كذلك أيها الزوج الكريم : رجولتك عندما تكون أخير الناس لزوجتك ، وألطفهم بها ، وأحسن البشر إكراما لها واحتراماً لكينونتها ، وتقديرا لمشاعرها ، وأفضلهم عشرة لها بالمعروف ، ابتعد عن الغطرسة والطغيان ، والإهانة والتحقير ، والكلمات التي تجرح كرامتها ، وتنال من أنوثتها .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين