سورية ، والنسَق الزئبقي ، وجهيزة التي تقطع ، كل يوم ، أقوال الخطباء !

 

اجتمع قوم ، يتشاورون في صُلح بين حيّين، قتل أحدُهُما، من الآخَر، قتيلا، ويحاول أهلُ القاتل، إقناع أهل القتيل ، بقبول الدِية. وبينما هم في ذلك ، جاءت أمرأ ة اسمها "جهيزة " فَقَالت : إن أهل القتيل ظفروا، بالقاتل ، وقتلوه ! فَقَال رجل ، عند ذلك: ( قَطَعَتْ جهِيزةُ قول كل خطيب ).. وذهبَ كلامُه مثلاً !

هذا ، عن جهيزة الأمس ، التي ضُرب المثل ، بخبرها ، ولم تكن إعلامية ، أو تعرف الإعلام !

أمّا جهيزة اليوم ، الإعلامية ، فقد لاتكون موضوعية في أخبارها ، دائماً ، أو قلّما تكون موضوعية ، أو تكون مجرّد ناقلة أخبار، خالية من البهارات والتوابل ؛ لاسيّما في العمل السياسي ! فقد يكون لكلّ طرفٍ جهيزتُه ، كما هو الحال ، في الصراع السوري ، الدائر من سنوات ..!

حين خرجت الجماهير السورية ، تهتف ، سِلمياً ، بسقوط بشار، واشتدّ الضغط الشعبيّ عليه، ولم تفلح قواه ، العسكرية والأمنية ، في إخماد الثورة السلمية ، للشعب السوري .. تحرّك الإعلام : العالمي والعربي ، يُردّد ، بلهجة جازمة ، أن بشارالأسد ساقط ! وطفِق الساسة ، يبحثون عن بديل له ، ويعلن كثير منهم ، أن بشاراً ساقط ..وقطع الكثيرون ، علاقاتهم، معه.. وشكّلوا تجمّعاً ، باسم : أصدقاء سورية ! وظلّ بعضهم يجادل في مصيره ، وبرزت جهيزة قائلة : لمَ تجادلون ، في مصير رجل انتهى حكمه !؟

وحهيزةُ هذه ، هي من الطرف المناوئ ، لنظام الأسد !

أمّا جهيزة الأسدية ، فتصرّح ، باستمرار، بأن الأمن مستتبّ ، والأوضاع مستقرّة ! وطبعاً، يطمئنّ الموالون ، للأسد ونظامه ، ويواصلون التصفيق له !

وحين حمل الشعب السوري السلاح ، دفاعاً عن نفسه ، وبدأ بمنازلة النظام ، عسكرياً ، وحقق انتصارات كبيرة .. بدأ إعلام النظام ، يروّج ، لحكاية الحرب الكونية ، التي تُشنّ ، ضدّ حكمه ، وأن الإرهابيين المسلمين ، هم مَن يتحرّك ، ضدّه ، وصَنع مجموعات تابعة له ؛ لاقتراف جرائم بشعة ، يصوّرونها ، على شاشات الفضائيات .. بدأ موقف الكثيرين ، من ساسة العالم – أصدقاء الشعب السوري – يتغيّر!

واستعان الأسد ، برافضة إيران ، فحرّكوا له ، نصرَالله وحزبه ، بدايةً ، فدخل في حرب ، في القصير، وغيرها ، وحقق بعض الانتصارات .. فبدأت جهيزة النظام ، تبشّر، بقرب انتهاء الثورة المسلّحة ..!

لكنّ النظام عجز، ومعه نصر الله ، عن قهر الثورة ، ودخلت إيران المعركة : بضبّاطها ، وميليشياتها الرافضية ، المحشودة من أنحاء العالم ، فعجزت عن قهر الثورة ..!

ودخل بوتين المعركة ، بطيرانه وصواريخه، وطفق يحرق الأخضر واليابس، ويدمّر كلّ شيء: البيوتَ على رؤوس اصحابها ، والمساجدَ على رؤوس المصلّين ، والمشافي على رؤوس المرضى والأطبّاء .. وبدأت بعض الفصائل تستسلم ، وتسلّم سلاحها ،( للضامن الروسي!)، وتَرحل ، إلى الشمال ، فبدأت جهائز النظام ومؤيّديه ، تتحدّث عن انتهاء الثورة ، وعن عودة البلاد ، إلى حكم بشّار!

وكَثرت الجَهائز:

فصيل ينفذ عملية نوعية ، لتخرج جهيزة ، ضدّ الأسد ، معلنة : أن الثورة مستمرّة ، وأن شعب سورية ، لن يستسلم لعصابة ، الإجرام الأسدية !

جولة سياسية : في أستانة ، أو جنيف ، أو سوتشي .. تتمّ ، فتخرج الجهائزُ، معلنة ، أن الحلّ السياسي ، بات وشيكاً !

وهكذا ؛ تحوّلت جهيزة (التاريخية!)، إلى رمز إعلامي، يتقمّصه كلّ جهاز، من أجهزة الإعلام، العربية والغربية !

ويظلّ النسق الزئبقي ، المضطرب الرجراج ، يفعل فعله ، في الساحة السورية ، إلى أمد غير معلوم ، وعيونُ المظلومين شاخصة ، إلى السماء ، ولسانُ حالها يقول : لعلّ الله يُحدث بَعدَ ذلك أمرا !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين