أَحَبُّ الكلام للرَّحْمَنِ وأثقلهُ فِي المِيزَانِ

 

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ}. سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 41

تأمل أمر الله تعالى لزكريا عليه السلام بكثرة ذكره، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا}، ثم أمره بالتسبيحِ بعد الذكرِ، {وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإبْكَارِ}، وهو من باب عطف الخاص على العام؛ لتعلم أن الذكرَ أعمُّ مِنَ التَّسْبِيحِ ، وإنما خص الله تعالى التسبيح بالذكر بعد ذلك لعظيم فضله، ولمزيد العناية به.

ومن فضلِ التَّسْبِيحِ أنه عبادة المخلوقات جميعًا؛ {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}. سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: الآية/ 44

ومن فضله أنه عبادة الملائكة التي لَا يَفْتُرُونَ عنها؛ لَيْلًا وَلا نَهَارًا؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}. سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: الآية/ 20

ومن فضله أنه من أعظم أسباب شرح الصدور؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}. سُورَةُ الْحِجْرِ: الآية/ 97 - 99

ومن فضله أنه من أعظم أسباب تفريج الكروب؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}. سُورَةُ الصَّافَّاتِ: الآية/ 143، 144

ومن فضله أنه أحبُّ الكلام للرَّحْمَنِ وأثقلهُ فِي المِيزَانِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ». رواه البخاري ومسلم

ومن فضله أنه من أجلِّ العبادات وأعظمها أجرًا؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ». رواه البخاري ومسلم

ومن فضله أنه من أعظم ما يكفر الله تعالى به عن العبد السيئات؛ فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ، كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟» فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ؟ قَالَ: «يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ، أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ». رواه مسلم

اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين