مملكتنا الأرض والسماء معاً

لأن الإنسان بحكم خِلقته : طين وروح .. أرض وسماء .

فكل تجارب البشرية في إيجاد مملكة الإنسان على الأرض مقطوعة الصلة بالسماء ، فشلت .

وكل تجارب نزع الإنسان من مملكة الأرض انتظارًا لمملكة السماء ، فشلت .

حاولت الشيوعية فصل مملكة الأرض عن السماء ، وبشَّرت الناس بجنة الأرض بشرط القطيعة مع السماء .

بشَّرتهم بتقسيم الأرض بينهم في صراع بين الطبقات ، فأمسك الناس بعضهم برقاب بعض ووقعت بينهم المجزرة تهافتاً علي نصيبهم من الأرض .

ولكنهم خسروا الأرض، ولم يربحوا السماء .

ومن قبلها اليهودية ، لم تتحدث توراتها عن السماء ، لا جنة ، ولا نار ، ولا خلود .

وفي مقابل ذلك، هناك نظرة لقطع علاقة الإنسان بالأرض انتظاراً لمملكة السماء .

نظرة تدعوه أن يدع ما لقيصر لقيصر، وتبشره بدخول الفقراء للجنة، وتؤكد له أن الجنة لا مكان فيها للأغنياء .

وتدعوه إلي إدارة خده الأيمن لمن ضربه علي خده الأيسر، فالقصاص والعدل مكانهم السماء وليس الأرض .

ثم جاءت العلمانية الغربية وريثة الصراع بين عالم الآلهة وعالم الناس الموروث عن الثقافة اليونانية والرومانية، ووريثة عقدة كنيسة العصور الوسطي التي وضعته بين ثنائية : إما الدين وإما الدنيا، ولا مجال للفوز بهما مجتمعين .

لتقطع الحبل الموصول بين السماء والأرض ، وتؤكد الانتصار النهائي لقيصر في صراعه مع السماء .

بين هذه الأديان والمذاهب، ضاع الإنسان بين مملكة الأرض ومملكة السماء .

ثم جاء الإسلام : دين الفطرة ، دين الإنسان – كل الإنسان -، يجمع بين مملكتي الأرض والسماء .

سَيْر في مناكب الأرض ومسارعة إلى جنة السماء.

زينة للثوب وطهارة للبدن قبل العروج إلى السماء بالصلاة.

دين يجعل أرقى مدارج الكمال الإنساني لأتباعه أن يصير الإنسان : خليفة الله في الأرض.

أي يحقق ثنائية : [ الله – الأرض ].

هذا الدين العظيم، إن فصلت أرضه عن سمائه - كما يريد الجهلاء – أفرغته من محتواه ، وأفقدته معناه .

فهذا الدين لا يمكن فصل : عقيدته عن شريعته، ورحمته عن عدله، وعفوه عن قصاصه ، وثقافته عن حضارته، ومصحفه عن سيفه ، ودعوته عن جهاده ، وحريته عن قيوده ......... ، سمائه عن أرضه .

ابحث أيها الإنسان كما شئت ، فكر كما شئت ، جرّب ما شئت ، سر في دروب التيه حيث شئت .. لن تجد أبداً أسمى ولا أعظم ولا أنفع لقيادة البشرية غير دين الإسلام .

{ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ }

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين