أَنْسَنَة صراع الحق والباطل

صراع الحق والباطل ليس صراع إيمان وكفر وحسب ؛ ولكنه صراع الإنسان الأبدي بين شقيه : "هابيل"و"قابيل" .

هابيل وقابيل ليسا فقط ابني آدم ، ولكنهما فرعا نهر شقَّ تاريخ الإنسانيَّة كلها في صراع دائم بين :

الظلم والعدل .. بين التمييز والمساواة .. بين الاستعباد والحرية .. بين الاستغلال والإنصاف. 

الظلم والتمييز والاستعباد والاستغلال ... باطل

والعدل والمساواة والحرية والإنصاف ... حق.

هذا المعنى واضح تمام الوضوح في تناول القرآن لقضية صراع الحق والباطل .

فعلى سبيل المثال لم يكن صراع سيدنا "موسى" مع طغيان "فرعون" قضية إيمان ضد كفر وحسب ؛ بل كانت قضية الإنسان :

( فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ.. ).

وأمام قضية حرية الإنسان وحقه في الحياة الكريمة ، اجتمع باطل طغيان الاستبداد (فرعون وجنوده) ، وطغيان الاستغلال (قارون) ، وطغيان الاستغفال (هامان).

والقرآن يوجِّه الإنسان للاضطلاع بمسئوليته في دفع باطل الظلم عن بني الإنسان أيا كان جنسهم أو عقيدتهم :

( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَ?ذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لنَا مِن لدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لنَا مِن لدُنكَ نَصِيرًا .)

ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على المعنى ذاته :

( إنَّ الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمَّهم اللَّه بعقاب منه) 

لاحظ هنا عموم الألفاظ (الناس) كل الناس ، (الظالم) أي ظالم وأي نوع من الظلم كان .

وهذا هو فهم من تربوا على تعاليم النبوة .

فالصحابي الجليل ربعي بن عامر يعبر عن هذا الفهم في رده على سؤال "رستم" قائد الفرس :

لماذا جئتم إلى بلادنا .؟

فرد عليه : ( لقد ابتعثنا اللهُ لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ).

المؤمنون بحق الإنسان في الحرية والعدالة والمساواة في أمسّ الحاجة لإحياء هذا المعنى الإنساني لصراع الحق والباطل ، لاستقطاب أوسع دائرة للعاملين من أجل دفع باطل الظلم والاستعباد والاستبداد والاستغلال والاستغفال الواقع على بني الإنسان ، أيًّا كان جنسهم ولونهم وعقيدتهم .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين