الاتّباع الأعمى والاتّباع المُبصر

فكّرت بعد انتهاء صلاة التراويح: الذين توجَّهوا هذه الليلة إلى الجوامع وصلّوا وراء الأئمة في طول العالم الإسلامي وعرضه لا يقلّون عن نصف مليار إنسان، وكذلك يفعلون في كل ليلة في هذا الشهر الفضيل. نصف مليار أو مليار، أين أثرهم في الدنيا التي نعيش فيها، وماذا قدموا للإنسانية التي بُعث رسولهم إليها برسالة الهدى والاستخلاف؟

ثم فكرت: إن المسلمين لا يختلفون عن أصحاب الديانات الأخرى، ففيهم مَن يتّبع دينه اتباعاً خالياً من التفكير، هو أقرب إلى أن يكون اتّباعَ عادة، فهو مسلم لأن أباه مسلم وأمّه مسلمة وأسرته مسلمة ومجتمعه مسلم، وهو ما نسميه "اتباع العوام".

هذا هو الذي سمّاه الإمام محمد رشيد رضا "المسلم الجغرافي"، وهو ناجٍ عند الله من الناحية القانونية، لكنه جزء من "الغُثاء" الذي نعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته، وهو وإنْ نجا بنفسه إلا أنه لا خيرَ فيه للأمة ولا يستحق حمل رسالة السماء.

النوع الثاني هو من اتّبعَ دينه على بصيرة، اتباعَ عقل وفهم ووعي كامل بالرسالة، وهذا هو النوع الأصلي الذي يريده منا الله أن نكونه: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}. ولا ريب أن الصحابة الذين غيّروا الدنيا كانوا من هذا النوع، ما ورثوا الإسلام عن آبائهم ولا تديَّنوا تديُّنَ العوام، فمِن أي النوعين تحبون أن تكونوا أيها القراء الكرام؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين