تكرار قصص الأنبياء وأثره في الثقة بنصر الله

يا أهل الحق، يا أهل الإيمان ..

حتى لا تيأسوا ولو طالت محنتكم.. 

حتى لا تقنطوا ولو اشتدّت معاناتكم.. 

حتى يقوى إيمانكم بوعد ربكم 

وحتى يحسن ظنكم بربكم الكريم

إليكم هذا المنشورعن شهر رمضان المبارك والقرآن الكريم.

أقول: 

لا يكاد يذكر شهر رمضان إلا ويذكر معه القرآن الكريم ويكادان أن يكونا توأمين 

قال تعالى: ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان ....) الآية. 

فتلاوة القرآن الكريم والاستماع إليه عبر الصلوات الجهرية وعبر صلاة التراويح أو عبر أجهزة التلفاز وغيره كل هذا ديدن المسلمين في هذا الشهر المبارك. 

ومعلوم أن التدبر من آثار وفوائد التلاوة والاستماع بل هو المقصود الأهم .

قال تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ )(29) 

ملاحظة مهمة : 

ولكن هل لاحظتم معي وأنتم تقرؤون القرآن الكريم أو تستمعون إليه ما لاحظته؟

لقد لفت نظري شيء وهو أن الله عز وجل يكرر بعض الوقائع والقصص كثيرًا وأنتم تعلمون أن هذا التكرار ليس تكرارًا فقط وإنما وراءه أمور وأمور... 

ومثال على ذلك: تكرار قصص الأنياء والمرسلين الكرام مع أقوامهم الكفرة أو مع الطغاة كفرعون وقارون وهامان 

نعم لقد تكررت قصة رسول الله موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون عشرات المرات ومن خلال عشرات السور من سور القرآن الكريم وكل مرة تذكر القصة بأسلوب معين 

كما كررت كثيرًا وعشرات المرات قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم الكفرة، كقصة نبي الله إبراهيم مع قومه وصالح مع ثمود، أو قصة النبي هود مع عاد، وقصة نوح مع قومه، وكذلك ما وقع لنبيِّنا عليه الصلاة والسلام مع قومه كقصة معركة بدر وحنين والخندق و وووو .... .

وخلاصة كل هذه القصص إثبات قدرة الله عز وجل على نصر أهل الحق علمًا أنهم لا يملكون على صعيد القوة والمادة جزءًا مما يملكه أهل الباطل، فمن أهل الباطل من أهلكه الله بالغرق، ومنهم من أهلك بالطوفان، ومنهم بالزلازل التي جعلت عالي مساكن الكفرة سافلها ومنهم، ومنهم .... 

نعم هذه القصص بذاتها درس أما تكرارها فدرس آخر ودرس مهم جدًا جدًا ينبغي ألا نغفل عنه. 

وإذا سألت: لماذا هذه القصص؟

أجابك القرآن الكريم ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ..)الآية.

كما ذكر سبحانه لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم جوابًا آخر قال تعالى: ( وكلاً نقصُّ عليك من أنباء الرسل ما نثبِّت به فؤادَك ....) الآية. 

وإذا كانت هذه القصص والتي سمَّاها سبحانه أحسن القصص غرضها وغرض تكرارها تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الآية السابقة فإن فيها أيضا -ومن باب أوْلى- تثبيتًا لأفئدة المؤمنين- ونحن منهم - وتقوية لإيمانهم بالله وبنصر الله عز وجل 

ومن هنا فإنَّ تكرار هذه القصص يزيد المؤمنين إيمانًا، ويطرد اليأس والإحباط والقنوط من قلوب المؤمنين، وإذا كان منشوري هذا عامًا لكل مسلم فإنه مُوجَّه بشكل أخص لإخوتي وبني وطني السوريين المظلومين والمهجَّرين، والذين أخرجوا من ديارهم بغير حق، وأوذوا لا لشيء إلا لأنهم قالوا ربنا الله وطالبوا بحريتهم وأن يعاملوا كبشر. 

مرة أخرى تدبَّروا كتاب الله وخصوصًا قصصه المباركة والمكررة حتى تثقوا بنصر الله ولا تيأسوا ( إنَّه لا ييأسُ مِن رَوْح الله إلا القومُ الكافرون ).

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين