ظواهر سلبية في رمضان(3) (تنفير العصاة من الصيام)

من الأمور الطيِّبة الملحوظة في شهر رمضان المبارك: تنافُس المسلمين إلى الطاعة والعبادة، حتى من كان ذا معصية قبل رمضان؛ ترى تأثير رمضان بادياً على سلوكه والتزامه، فكم رأينا من تارك للصلاة كسلاً يسابق الآخرين إلى بيوت الله، وكم من سافرة متبرجة تلتزم بالحشمة والحجاب في الشهر الفضيل.. وكم وكم.. 

وبالمقابل نرى بعض تاركي الصلاة، مستمرين على معصيتهم، على الرُّغم من حرصهم على الصيام، ربما لأن الصلاة مطلوبة منه كل يوم، أما صيام رمضان فلا يأتيه إلا كل عام.. 

ولو يمَّمنا وجهنا شطر المتدينين لوجدنا من بعضهم تنفيرًا وصدّاً لمن كان من العصاة، خاصة من كان تاركًا للصلاة رغم كونه صائمًا، فالبعض يقولون له: إنك كافر مرتدّ، مُحبَط عملك، صيامك مرود في وجهك ولا قيمة له عند الله.. هل هذا أفضل، أو الأفضل أن نقول له: إنَّ صيامك بداية طيبة لإقبالك على ربك، وفرصة مميزة لزيادة قربك من مولاك.. ألا فاعلم أنَّ صيامك - رغم عظمه عند الله - إلا أن صلاتك أثوب وأهم، وأفضل وأعظم، فكان خليقًا بك أن تحرص عليها كحرصك على الصيام بل أشد.. فإن رأينا منه ندماً على تفريطه في جنْب الله، وليناً وخفض جناحٍ لدين الله؛ فتلك أمارة مُبشِّرة.. وإن كانت الأخرى لوّحنا الله بالقول الأشد: ألا فاحذر.. فلعل صيامك هذا الذي تفرح به رغم جوعك وعطشك واحتمالك الحرَّ ساعاتٍ طوالا؛ لعلك لا تنال منه غير المشقَّة والتعب، ولعله يُرَدُّ في وجهك كما يُردُّ الثوب الخَلَق إن لم تتب إلى خالقك، وتلتزم بصلاتك…

وقل مثل ذلك في المتبرجة وكل عاص..

أقول: لعل هذا الأسلوب المازج بين قولَي العلماء في مسألة تارك الصلاة تهاونًا وكسلا؛ لعله أدْعى بالقول، وأرجى لتحقيق المأمول.. فالنفوس تساق بالقول اللين أكثر من سوقها من القول الغليظ.. (فَقولا له قولاً ليناً؛ لعله يذّكر أو يخشى) (طه).

اللهم اجعلنا مُبشِّرين لا مُنفّرين.. ملتزمين هديَ نبيِّك الكريم.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. 

وكل عبادةٍ وأنتم بالقَبول من الكريم مُكْرمون..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين