صورة العرب في مهرجان كان

الفيلم اللبناني "كفرناحوم" والذي فاز بجائزة لجنة التحكيم ، يروي قصة الطفل "زين" البالغ 12 عاماً من أسرة فقيرة في أحد أحياء بيروت ، والذي قامت أسرته بتزويج أخته وهي في سنّ الحادية عشر وماتت أثناء حملها ، وقام هو بدوره بطعن زوج أخته ودخل سجن الأحداث.

( اهتم الإعلام الفرنسي بإبراز كون الطفل بطل الفيلم مهاجر سوري من محافظة درعا إلى لبنان ).

أما الفيلم السوري "قماشتي المفضلة" المشارك في المهرجان، فتدور أحداثه حول مجموعة من السيدات في محاولة (لاكتشاف الذات) خلال عملهن بـأحد بيوت الدعارة بدمشق، أثناء (الحرب الأهلية) في سورية .

(هكذا جاء في التعريف بالفيلم )!

أما الفيلم المغربي "صوفيا" المشارك في قسم من أقسام مهرجان كان فتدور أحداثه حول تجربة حمل سِفاح لفتاة في سنّ 22 سنة وابنة وحيدة لأسرة تقليدية.

خيط مشترك يربط الأفلام الثلاثة لإعطاء صورة عن مجتمعاتنا العربية (المتطرفة الذكورية المتخلفة) :

حروب أهلية .. تزويج قاصرات .. نساء مقهورات يُمارسن الدعارة بحثاً عن الذات .. معاناة فتاة حملت حملاً غير شرعي في مجتمع ذكوري .. بؤس .. شقاء .. جريمة ....

هذه الصورة التي يرسمها فنانون عرب هي جواز المرور للغرب عموما ، وفرنسا على وجه الخصوص .

فرنسا على وجه التحديد تطرب جدًا لتقمُّص دور الدولة المثقفة الرساليَّة التي تسعى لتصدير الثقافة للدول المتخلفة .

وجزء من ذلك الزهو والطرب أن تفتح قنواتها الثقافية لاستقبال كل من يصوّر مجتمعاتنا على هذه الصورة، وتفتح لهم مجال الشهرة والمال .

وبصفتي متابعًا لإذاعة مونتكارلو، وبخاصة برامجها الثقافية، وبشكل أَخَصّ لقاءاتهم مع من يسمونهم (مثقفون عرب)، تَرّسَّخ عندي ذلك الاستنتاج .

فذات الموضوعات التي كانت بوابة عبور تلك الأفلام هي ذاتها الموضوعات الرئيسية المتداولة مع الضيوف العرب حول مجتمعاتنا العربية .

وذات الصورة التي تنقلها تلك الأفلام ينقلها من يسمونهم (مثقفون عرب) .

التقت إرادة طرفين :

طرف يريد السيطرة على الشعوب بالغزو الثقافي .

ومن أهم أساليب السيطرة: غرس مفهوم احتقار الذات ، ديناً وتاريخاً وهُوية وثقافة ، ومن ثم الشعور بالدونية أمام السيد الأوروبي .

وطرف ينفذ خطة السيد عن علم أو جهل ، تحت إغراء الشهرة والمال في الحالتين .

وبين الطرفين يتمُّ سحق المثقفين الجادِّين ، وتقديم الشعوب قرباناً على مذبح الطغاة والطامعين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين