يا ثمانون

حين فرغتُ من كتابي "بقايا ذاكرة" وجدتُني طوَيتُ ثمانية عقودٍ هجرية، وكِدْتُ أطوي ثمانية ميلاديّة.

يا ثمانون كيف مرّت خُطاكِ = في ثوانٍ ضواحكٍ وبواكي

كُنَّ كالطيفِ سارقاً وعجولاً = والتماعِ البروق في الأفلاك 

لم أُصدِّق أنِّي غَدَوت عجوزاً = وأنا قبل غفوتين فَتَاك

كان شَعْري مثل الغُراب سواداً = يوم أمسٍ وهِمَّتي في السِّماك

وهو اليوم كالضحاءِ بياضاً = قد رأته في هامتي عيناك

حين أمشي أخشى العِثار كأنِّي = في نيوب الفخاخ والأشواك

والشوادي في دَوحِها ألتقيها = في صُدود الزُّهّاد والنُّسّاك

                                   ***

بيدَ أنِّي والشكرُ والصبرُ دَأْبي = في مضاء مداهُ فوق مَدَاك 

فيَّ طبع الشجاع إن كان هول = ولدى الأمن فيَّ طبع ملاك

وحراكي في الجسم وانٍ ولكن = همتي فوق طاقتي وحراكي

ويقيني من الهوان يقيني =وسفاهِ الغدور والأفّاك

أسْيُفي في الحياة عزمة حر =ورماحي توكلي لا شباكي

ذاك أني بعت الإله حياتي = في رضاً سابغٍ وقلبٍ زاكي

فارتضاني فكان فوزي حقًّا = والبشارات جئنني في دراك

                                   ***

وأنا في الخريف جَمٌّ رِضائي = لست فيه بساخطٍ أو شاكي

إذ أراني رضوان مقعد صدقٍ =يا ثمانون سوَّاه من سوَّاك

حين أبصرتُهُ دَعَاني إليه = فوجدت الآلاء من أملاكي

الثواني فيه دهورُ نعيمٍ = فوق أقصى الخيالِ والإدراك 

                                   ***

جنَّةَ اللهِ كلُّ سعد سيَبْلى = في أناةٍ أو سرعةٍ إلَّاكِ

وعسى ألتقيه فيكِ وإنِّي = وصِحابي نّشْتار من نُعماك

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين