بطانة السوء .. (تكوينها - خطورتها - زوالها)

من أخطر ما يدمر الدول والأنظمة تلك الحاشية القبيحة التي تحيط بزعمائها .. 

ولعل أعظم متسبب في وجودها؛ 

ذاك الطمع والجشع وحب الكراسي الذي ينبت لدى بعض من لهم صلة قرابة أو نسَب أو صحبة وثيقة جداً بالزعيم أو الرئيس والسلطان والملك .. 

والذي يؤدي إلى بحثهم عن حلفاء لهم من الخبثاء داخل الدولة وخارجها .. ممن تلتقي مصالحهم لتحصيل رُتب ورواتب وميزات جديدة (رجال دين ومال وسياسة وأمن ..). 

وقد تصل أطماعهم إلى التفكير في الجلوس على كرسي الزعامة والسلطنة .. 

ليجد الرئيس أو الملك والسلطان نفسه في لحظة غفلة وحُسْن ظن منه بهذه البطانة والحاشية، أنه لا يملك إرادته ولا يحقق الاختيار الحر لإدارته .. 

بل هو مجرد صورة أو (ديكور)، ليس أكثر ..

وللتخلص من هذه الظاهرة الخطيرة، فإنه لابد من تحقيق ما يأتي:

- استيقاظ الزعيم والسلطان والملك، بصدمة ما ولو متأخراً.

- فتح عيونه جيداً، واستخدام تقنيات متقدمة وآمنة لحصوله على المعلومات الدقيقة وغير المغشوشة، عما يجري حوله من كيد هذه البطانة، ومن يتآمر معها من الداخل والخارج.

- البحث بدقة عن مواطن تعارض واختلاف مصالح هؤلاء الذين يظهرون النصح والإنتماء له ولدولته، وهم في الحقيقة لا ينتمون إلا لجيوبهم وأهوائهم، ومحاولة اللعب على ورقة زعزعة الثقة بينهم، ولكن بهدوء.

- التحالف والتعاون بشكل مباشر أو غير مباشر مع الطيبين الثقات من الأفراد والمجموعات ..

ولا أعتقد أن رأس هرم الدولة لا يعرفهم، بل يعرفهم تماماً، ولكن حاشية السوء تخوفه منهم، وتُقبّح صورتهم عنده، بوصفهم تارة بالمندسين، وتارة بأصحاب الأجندات الخارجية.

فإذا لم ينتبه الزعيم والسلطان والملك على نفسه، ولَم يكن حذراً حازماً في التعامل مع تلك البطانة والحاشية، فإنه سيندم ساعة لا ينفع الندم، وسيقال له:

ابكِ مثل النساء مُلكاً مُضاعاً = لم تحافظ عليه كما الرجالِ

وعندها لن يشفع له غباؤه أو غفلته أو جهله .. وسيلعنه التاريخ .. ولن تكون خاتمته كريمة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين