خواطر في شهر رمضان

يدخل علينا هذا الشهر الفضيل شهر رمضان وما زال بلدنا جريحاً بشهدائه ومعتقليه ومهجّريه..

يدخل علينا هذا الشهر وآلامنا وجراحنا كبيرة، إلا أننا لا نفقد الأمل ولا نيأس من رحمة الله.. شهر يوحدنا على أذان واحد في لحظة واحدة، وهذا يدلنا على ضرورة التوحد وعدم الفرقة فيما بيننا فهل من معتبر؟

شهر ينبغي أن نتعلم منه الدقة في المواعيد عند الإمساك والإفطار..

شهر رمضان شهر طاعات، فالكل فيه يتسابق ويتنافس في فعل الخيرات..

شهر تضاعف فيه الحسنات، وتفتح فيه أبواب الجنات.. وتغلق فيه أبواب النيران ..

هذا الشهر إخوتي الأفاضل شاهد لنا أو علينا بما أودعناه من أعمال.

فشهر رمضان مدرسة للتجديد الإيماني للأجيال، وما أحوجنا إلى هذا الجيل الإيماني اليوم، ونحن نواجه المكائد من قوى الشر والطغيان، وإن الغيور ليتساءل بحرقة وأسى: بأي حالٍ يستقبل إخواننا المهجرون رمضان، وهم بعيدون عن مدنهم وبلداتهم، وبأي حال يستقبل الفلسطينيون شهر رمضان المبارك، وهم يواجهون العدوان اليهودي الغاشم ضد مسيرات العودة مع قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؟

أما رمضان في وسائل الإعلام فقد أصبح لاستحمار الشعوب وتضليلهم، فهو موسم للطاعات لا للمسلسلات، موسم لتذكير الناس بأهمية هذا الشهر عبر برامج هادفة لا ساقطة.

فإذا كان أتباع الشهوات يتسابقون لمشاهدة الحلقات فكن أنت ممن تسابق الناس لختم القرآن، ولصلاة التراويح، فالمسلسلات والحلقات ستعاد عشرات المرات بعد رمضان، فموسم الطاعة هو شهر واحد يتجدد كل سنة، وإن كانت الطاعة وثوابها والسيئة وعقابها موجودة طيلة العام، إلا أن الثواب مضاعف في هذا الشهر الفضيل.

وهكذا يجب أن يفهم المسلمون كافة أن شهر رمضان ليس موسم نوم وموائد خاصة، ولكنه موسم عبادة وطاعة، موسم انتصاراتِ غزوة بدر الكبرى، وفتح مكة، ومعركة حطين، وعين جالوت، وفتح القسطنطينية.

فكن أخي المسلم مستغلًا لهذا الشهر الفضيل استغلاًلا حسنًا وابتعد عن الكسل والخمول، فلرمضان جمال ما بعده جمال، وهيبة ليس بعدها هيبة، وروحانية قلما تجدها في غيره، رمضان صلة للأرحام، ومغفرة للذنوب والآثام، شهر التوبة والدعاء والمغفرة، فاسمع إلى ربك وهو ينادي عليك في الحديث القدسي الجليل الذي رواه مسلم من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: يا بن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة).

فكن مستعدًا أخي المسلم من أول يوم في هذا الشهر الفضيل لاستقباله، فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين، ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب، ونادى مناد يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار).

اللهم اجعلنا من عتقائك من النار في هذا الشهر الكريم يا عزيز يا غفار.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين