بعد سبعين عاماً على النكبة

هل هي ذكرى نكبة العرب والمسلمين باحتلال أرضهم وتدنيس مقدساتهم وتبديد أمنهم وتهديد حاضرهم ومستقبلهم .

أم هو عيد الاحتفال بتأسيس دولة إسرائيل .؟

من كان يصدِّق أن هكذا سؤال سوف يأتي يوم ويتم طرحه في بلاد المسلمين ، وتجد من داخل بلاد المسلمين قومًا يُحْيون ذكرى النكبة ، وقوماً يشاركون الكيان الصهيوني بالاحتفال بعيد تأسيسه . !

سبعون عامًا استمال خلالها الصهاينة حكومات عربية بمعاهدات علنيَّة وأخرى باتفاقات سريَّة بدأت تظهر للعلن .

سبعون عامًا تحالف خلالها الصهاينة مع حكومات عربية لتغييب وعي الشعوب وتغيير الصورة الذهنية عن الصهاينة ، استخدموا فيها وسائل الإعلام ومناهج التعليم ومنابع الثقافة والفنّ والدراما التليفزيونية ... 

وبعد سبعين عامًا ينشر الكيان الصهيوني على صفحة وزارة خارجيته على الفيس بوك صورًا لاحتفاله في وسط القاهرة في فندق " ريتز كارلتون" في ميدان التحرير، مع تمويه وتظليل وجوه من تسللوا لِواذاً إلى الحفل من المصريين والعرب.

بين الاحتفال على أرض عربية وتظليل الوجوه المشاركة تظهر صورة معبِّرة جداً .

معبِّرة عن نجاح الكيان الصهيوني في استمالة الأنظمة ، وفشله في استمالة الشعوب .

معبرة عن حالة انفصام نَكِد بين الحكومات العربية وشعوبها .

معبِّرة عن شعوب أمة مهما حاولوا تغييبها وتمييعها والتسلط عليها بالفقر والجهل والقهر ، بل وبالتدمير والحرب والتهجير ، ستظل قضية فلسطين جزءًا من عقيدتهم الإسلامية وقوميتهم العربية .

وفي خلفية الصورة، وبعد سبعين عامًا على النكبة ، صورة شعب عظيم يتوارث أجياله جيلاً بعد جيل مفاتيح بيوتهم التي تمَّ تهجيرهم منها توريثًا لأمانة العودة .

شعب عظيم يُعَلّم الأمة دروسًا في الإيمان بالحقوق ، والعزيمة والإرادة والإصرار على نيلها ، والكفاح في سبيلها مهما قلّ الناصر وبَعُد الطريق وكثُرت الصِّعاب واختلت موازين القوى .

يُعَلِم الأمَّة أن طريق استرداد الحقوق يمر من بوابة الجهاد، والاستشهاد، واستمرار الابتكار في أساليب المقاومة .

بعد سبعين عامًا تكشف الأحداث عن نقاء معدن شعوب هذه الأمة الإسلامية، فغطاء قِدْر التسلط والقهر يخفي تحته غليان يعتمل في قلوب حيَّة ، وأمة عصيَّة على الذوبان مادام فيها إسلام ، محفوظة مادام يُتلي فيها قرآن .

المستقبل حتمًا لنا .

وفي الغد القريب سيحتفلون هم بذكرى نكبتهم ، ونحتفل نحن بالعودة وتحرير أراضينا وتطهير مقدَّساتنا .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين