بين يدي رمضان

 

للتوفيق علامات، ولقبول العمل عند الله دلالات وأمارات، منها ما يكون قبل العمل ومنها ما يقترن به ومنها ما يكون بعده. 

 

  فإذا فرحت بأن بلغك الشهر وأنت سالم معافى، تقوى على أداء الفريضة وقد حُرم من هذا الفضل كثيرون بموت أو سقم، ففرحك هذا من الإيمان، وعلامة على التوفيق للشكر والعرفان. 

 

  وإذا اشتاقت روحُك لترتوي من ظمأ الهواجر، وانشرح صدرك للتحليق في فضاء التراويح، وفاض قلبك حنانا لخلوته الخاصة مع كلام الرحمن تلاوة وتدبرا، فهذا من دلائل القبول والرضوان. 

 

  وإذا شعرت بأنَّ هذا الشهر منحة ربانية ومكرمة إلهية وفرصة متجددة للتزود بالصالحات ليوم المعاد، والتنافس في ميدان الرضوان، والسباق في مضمار القرب من الكريم المنان، فهذا من التوفيق للإحسان. 

 

  وإن أوجعتك ذنوبُ العام وقضَّت حسراتُ التفريط مضجعَك، وضاقت عليك نفسك، ورأيت في هِبة رمضان طوقَ نجاتك وأملَ خلاصك، فهذا من التوفيق للعفو والغفران. 

 

  وإن اعتقدت أنَّ في هذا الشهر نفحاتٍ رحمانيةً تهبُّ على القلوب الخربة فتدبُّ فيها الحياة من جديد، فأضمرتَ في نفسك أن تتعرض لهذه النفحات لتحيى وترقى فأنت المُسدَّد المُعان. 

 

  ومن غابت عنه تلك المعاني الجميلة والأسرار الجليلة لم يرَ في الشهر إلا التكليف والمشقة، ولن ينشرح صدرُه لا ستقباله ولا للطاعة فيه، وثقلت عليه العبادة وأكثر من التذمُّر وصار يعدُّ الأيام والساعات التي تقرِّبه من نهاية الموسم ليطرح العناء والأثقال عن كاهله، ومن كان هذا حاله فليبك على نفسه فهو علامة الخذلان ودليل الخسران.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين