الولاية مقابل الحماية

عَقْدٌ ارتضته بعض الشعوب مع حكامها ، خلاصته : أنها تسلم له بالرياسة والولاية ، مقابل أن يوفر لها الحماية .

وللحماية مرادفات مثل : الاستقرار وحفظ تراب الأوطان، والحرب على الإرهاب ، وصولاً إلى محاربة الغول والعنقاء والجن والعفاريت وتلك المترادفات التي يجمعها الوصف الجامع المانع (قوى الشر).

هذه العلاقة هي أشبه ما يكون بعلاقة العبد بسيده ، السيد يوفر الحماية ، والعبد يعمل بقوت يومه الذي يحدد سيده نوعه وكميته .

وفي أحسن أحوالها تكون شبيهة بعلاقة امرأة عاجزة قليلة الحيلة ، برجل تتوهم ظله أفضل من ظل الحائط .!

في مثل هذه العلاقة لا صوت يعلو فوق صوت الحماية ، فلا مجال للحديث عن تنمية ولا خطط وبرامج ولا تعليم ولا حرية ولا سياسة .

ولا غرابة إطلاقا أن يطفو فوق سطح تلك الشريحة طفيليات يسمونها صفوة أو مثقفين .. وتجد أحدهم يتطوع بالتعبير عن فلسفة العبودية التي تحكم هذا النوع من العلاقة ، فيقول إنه على استعداد لتقديم أولاده لأصحاب الحماية ليعذبوهم ويقتلوهم .. فداءً لتراب الوطن .. الاستقرار .. محاربة قوى الشر ...!!

فلا صوت يعلو فوق صوت الحماية .!!

ومن العلامات الفارقة لهذه الشريحة من الشعوب التي ارتضت بالولاية مقابل الحماية ، خروجها إلى الشوارع صارخة مولولة (لاتتنحي .. لا تتنحي) متوسلة لبقاء زعيم صنع الهزيمة من العدو الذي حكم باسم الحماية منه .!!!

ومن هذه الشريحة تجد مشهداً آخر لا تجده سوى في هذا النوع من العلاقة (الحماية مقابل الولاية) ، وهو خروج الجماهير الغفيرة باكية مولولة خلف جنازة حامي الديار بعد وفاته .

ولسان حالها يقول : (لنا مين بعدك يا سبعي).!

هذه العلاقة غير الشريفة ، دائماً وأبداً نهايتها غير سعيدة .

فالحاكم الذي سَوَّق نفسه على أنه حامي الديار ، وشعاره (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) ، تجرّع الهزيمة وترك خلفه الاحتلال والخراب .

والذي أمضي ثلاثين سنة في الحكم يُسَّوِق نفسه على أنه صانع الاستقرار ، انتهى حكمه بثورة أبانت عن زيف الاستقرار المزعوم .

والسؤال المطروح لأصحاب العقول :

دلونا على نموذج واحد ناجح لمثل تلك العلاقة بين شعب وحاكم .

شريطة أن يكون هذا النموذج على سطح الكرة الأرضية ، وليس في كوكب زُحَل ، موطن سكنى أهل الشر .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين