التهيؤ لاستقبال رمضان

هيِّـئْ قلبَـك وأنت تسقبل رمضان لهذه المعاني الربانية: 

الحب والرجاء والخشية 

لغة القلوب ومناجاة العيون

 

لغة الحب التي قامت عليها ذرات الكون بأسره، وكل ذلك لأجل أن تنبض ذرات القلوب معلنة حبها للحق سبحانه ، متوجهة إليه، مُحَلِّقة في الإخبات بين يديه .

وكيف لا تتقطع حباً فيه؟؟ !!! 

وكيف لا تذوب هياماً في جنابه؟؟ 

: وهو سبحانه قد أعلن حبه لعباده المؤمنين قبل أن يحبوه : (يحبهم ويحبونه) !!

فياله من نعيم ومقام عظيم : "يحبهم" فكيف يطيق فؤادك أيها المؤمن وأنت تسمعها يتغلغل نورها في أعماقك ؟؟

ومن هو الذي "أحبهم ويحبهم" : إنه خالقهم ومغيثهم ؟؟!!!

إنه ربهم ورازقهم !!! 

إنه حبيبهم القريب المجيب ، الرحيم الودود !!!

ثم أخبر أنه سيجعل لهم الود الخاص الخالص لهم بين عباده : (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً) .

#فكيف بعد كل هذا لا تطيش الأرواح والأفئدة هائمة في جماله؟؟!!

#وكيف تغفل عن الرغبة فيه والرهبة منه : (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).

فمن الخسران بعد ذلك اشتغال القلوب بغيره، ومن الغبن أن تتعلق بسواه، وقد وصل لها نداء قدسي من حضرة ربها يخاطبها قائلا : 

"ابن آدم !!! خلقتكَ لنفسي ، وخلقتُ كلَّ شيء لك ، فبحقي عليك: لا تشتغلْ بما خلقتـُه لك ، عما خلقتـُـكَ له". 

فهي على يقين أنها بالأنس بالله وفي تحقيق مرضاته : حازت السبق ، فإذا صح لها الود مع خالقها فكل الذي في هذا الكون هباء هباء ، فهي تعيش في أجواء قدسية، تتحقق بمعاني خطاب علوي:

"يا ابن آدم !!! اطلبني تجدني، فإن وجدتني: وجدتَ كلَّ شيء، وإن فُتُّـك: فاتكَ كلُّ شيء ، وأنا خير لك من كل شيء".

وبعد تمكن معاني المحبة في القلوب، وبعد أن غمرتها صفاء المعرفة ، فيأتي دور العيون لتعبر عن صدق مكنونها، فتفيض جُماناً في حب خالقها، وتناجيه بفيضان لآلئ الدموع : ( ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق، يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ).

وعندها تستشعر معاني القرب والشهود ، التي لا يستطيع اللسان التعبير عنها ، ولسان حالها يقول :

لئن غبت عن عيني وشط بك النوى *** فأنت بقلبي حاضر وقريب

جمالك في وهمي وذكرك في فمي *** ومثواك في قلبي فأين تغيب ؟

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين