مهمّة النُخب السورية المخلصة

استيعابُ الواقع ، بوعي ، والإمساكُ بخيوطه ، التي يُصنع ، منها ، نسيج مناسب !

الكلام كثير، والمتكلمون كثر..والنظريات كثيرة ، والمنظرون كثر.. والأحداث كثيرة متسارعة، متشابكة دامية ، معقدة ، بل شديدة التعقيد ! والمحترقون بنارها ، هم أبناء الشعب السوري ، جميعاً! لكنّ القادرين على : الفهم ، والاستيعاب ، والتحليل ، والمبادرة إلى صناعة الواقع ، واستشراف المستقبل ، قلة قليلة ، جدّاً ، من أفراد النُخب !

فبعضُ النُخب : يُنظّر في الفراغ !

وبعضُها : يقدّم ، لشعب سورية ، نصائح ، يستطيع تقديمها ، أيّ رجل بسيط !

وبعضها : يُحلّق في أجواء سامية ، ويجهد نفسه ، في محاولة رفع الواقع ، إلى مستوى تحليقه !

وبعضها : يشتم الناس ، الذين لايفعلون الصواب ، الذي يتمنّاه ، وهو، ذاته ، لايعرف الصواب المطلوب ، على ضوء الواقع ؛ لأنه عاجز، عن قراءة الواقع ، وبالتالي؛ عاجز عن فهمه ، وهو عن ابتكار حلول ، يفرضها الواقع ، أشدّ عجزاً !

وبعضها : يتوجّع ويصرخ ، ممّا يرى ، من مصائب ، تحلّ بشعبه ، ويرى ، في الصراخ ، خير وسيلة ، للتعبير، عن ألمه .. ويرى أنه ، كلما ارتفع صوت المرء بالصراخ ، كان أصدقَ ، من غيره، في التعبير، عن ألمه ! ( والحديث، هنا ، كله ، عن النخب ، أو الذين يرون أنفسهم نخباً ، لا عن عامّة الناس) !

وهذا الوضع مستمرّ، منذ أكثر من سبع سنوات ، وهو جزء من الواقع ، وهو يدخل ، في دائرة الجزء الأضعف ، الذي يعجز، عن تغيير الجزء الأقوى، أو تعديله ، أو تبديله ! ومعلومٌ، أن الجزء الأقوى، من المأساة السورية ، هو الجزء العسكري ، المرتبط بالسياسة الدولية : سياسة المحاور والأقطاب، التي تمطر، على شعب سورية ، قنابلَ ، وصواريخَ ، ورصاصاً ، من شتى الأنواع !

فمتى يستطيع الجزءُ الأضعف ، في الواقع السوري ، تبديلَ الجزء الأقوى ، أو تعديله ؟ مع أن هذا الجزء الأضعف ، هو الأقوى ، وهو السبب الرئيس ، في التحليل الموضوعي ، المتصل بعلم الاجتماع السياسي ، أو الفلسفة السياسية ؛ فهذا الضعف – الذي يُفترض أن يكون قوّة - هو سبب البلاء، الذي يشكّله الواقع العنيف: محلّياً ودولياً !

نقول : متى يستطيع واقعُ النخب ، الأضعفُ ، تعديل الواقع الأقوى ؟ وكيف ؟

الأمر- نظرياً- واضح وسهل ، نسبياً، وإن كان ، لدى التطبيق العملي ، يحمل صعوبات ، لا تُعرَف، إلاّ عَبرَ الممارسة !

إنها مسألة مبادرة صادقة ، من قبل فئة قليلة ، صادقة مخلصة ، من النُخب ، تتلمّس الخيوط الأساسية للّعبة ، بسائر تعقيداتها ، وتحرص على تشكيل النسيج : الاجتماعي والسياسي ، بالصورة التي تناسب سورية وشعبها ، حالاً ومآلاً ! وهو(النسيج) الآن ، قيدَ التشكّل ، لكن ، كما يريده الآخرون ، وكلّ يريده ، بالصورة التي تناسبه !

والخيوط ، التي يمكن ، أن تمسك بها ، الفئة المبادِرةُ ، كثيرة وقويّة ، على مستويات عدّة : عسكرية وسياسية ، واجتماعية وثقافية ..!

ونحسب التعميم ، هنا ، يغني عن التفصيل ، الذي هو، من شأن الفئة ، المؤهّلة للمبادرة !

ولله درّ القائل :

سَقاها ذوو الأحلام سَجْلاً، على الظَما = وقدْ كَرَبَتْ أعناقُها ، أنْ تَقطّعا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين