لا إخاله يخفى عليك

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الآية/ 29

تأمَّل قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}، لتعلم أنه تعالى لا يخفى عليه شَيْءٌ؛ {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}. سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ: الآية/ 7

وقالَ تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلامُ الْغُيُوبِ}. سُورَةُ التَّوْبَةِ: 78 الآية/ 78 

وقال تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}. سُورَةُ الزُّخْرُفِ: الآية/ 80

وأعظم من ذلك يَعْلَمُ اللَّهُ تَعَالَى السِّرَّ وَما هو أَخْفَى مِنَ السِّرِّ؛ قَالَ تَعَالَى: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}. سُورَةُ طَهَ: الآية/ 7

وَالسِّرُّ هوَ مَا تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ، وَأَخْفَى مِنَ السِّرِّ مَا لَمْ تُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَكَ بَعْدُ.

وَاللَّهُ تَعَالَى السِّرُّ عنْدَهُ عَلَانِيةٌ؛ والإِخْفَاءُ عنْدَهُ كَالْمُجَاهَرةِ؛ {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}. سُورَةُ الرَّعْدِ: الآية/ 10

وعلمه تعالى ليس قاصرًا على مكنونات ضمائر البشر، وخفايا صدور العباد، بل علمه تعالى محيط بجميع خلقه، لذلك قَالَ بعدها: {وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}.

ولا يغيبُ عن عِلْمِهِ شيءٌ مهما دقَّ؛ {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}. سُورَةُ يُونُسَ: الآية/ 61

هل عندك يقين بهذا؟ - ولا إخاله يخفى عليك - هل تقرر ذلك في نفسك؟ 

فاحذر أن تجعل الله تعالى أهون الناظرين إليك.

احذر أن تستخفي من العباد، ولا تستخفي من ربِّ العباد وَهُوَ مَعَك، وإياك أن تكون كَهَؤُلَاءِ الذين ذمهم الله بقوله: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ}. سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَة/ 108

وإذا كنت تستحيي من الخلق أن يروك على ذنب، فالخالق أحق أن يستحيا منه.

اللهم املأ قلوبَنَا منك حياءً، واملأ نُفُوسَنَا منك خشيةً.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين