عدمُ الدَهشة ، ممّا يجري في الشام ، هو مثارُ الدهشة !

 إلفُ المخلوقات والأحداث ، يُذهب الدهشة منها ، فتحلّ محلّها الغفلة ! لقد دَهشت ثورة سورية ، الكثيرين ، فأعجبوا ببطولاتها، وتعاطفوا مع المنكوبين في مآسيها! وحين طالت، حلّت الغفلة في العقول، وقلّ التعاطف، وقلّ الدعم؛ بالتالي! وزادَ الطينَ بلّة ، سلوكاتُ بعض المنحرفين والمتسلقين ، من عسكر يحملون السلاح ، ومن ساسة يعتلون المنابر الدولية! وتحوّل التعاطف ، لدى بعض الناس ، إلى استنكار، ثمّ إلى تبرّم، ثمّ إلى مَقت ، للمنحرفين ، انسحب على الثورة ،عامّة!

فما تعريف الدهشة ، في اللغة:

الدهشة : حيرة..ارتباك..ذهول.. مايعتري الإنسانَ ، من حالة، ناشئة عن حدوث أمر،غير متوقّع ، ومُفاجئ !

يقال : دَهَشه ، فهو داهِش .. والذي يصاب بالدهشة : مدهوش !

( ويقال : أدهشه ، أيضاً ، فيكون الفاعلُ مُدهشاً ، سواء أكان شخصاً ، أم شيئاً ، أم عملاً ، أم أمراً ما ) !

وكثيرة هي الآيات ، في القرآن الكريم ، التي تشدّ انتباه الإنسان ، إلى عجائب خلق الله ، لتولّد ، في نفسه ، دهشة ، تدعوه إلى الإيمان بالخالق ، عزّ وجلّ !

وتتنوع الإشارات ، في الآيات الكريمة ، منها: مايشير إلى خلق السموات والأرض، وما بينهما، من جبال ونبات وحيوان..ومنها: ما يشير إلى خلق الإنسان ، وما وهبه الله ، من قدرات : كالسمع والبصر، وغير ذلك !

وما حولنا ، اليوم ، من أحداث جسام ، يدعو عقول العقلاء ، إلى الدهشة ، بسائر أنواعها ومعانيها !

ولعلّ في طرح الأسئلة التالية ، على كل عاقل ، ما يغني ، بعض الغَناء ، فيما نحن بصدده !

فعلى سبيل المثال ، لا الحصر :

ألا يدهشك ، أن ترى أمّة تعدادُها مليارٌمن البشر، خانعة ذليلة، يتكالب عليها الناس ، من شتى الملل والنِحَل ، يأكلون ثرواتها، ويسحقون أبناءها ، بين قتل وتشريد .. وهي تملك ، من الثروات والأموال، والأراضي الخصبة الشاسعة ، مايجعلها في مقدّمة الأمم.. ولديها عقيدة ، تهزّ الجبال ، وهي العقيدة الربّانية الصحيحة، على وجه الأرض !؟

أفلا يدهشك ، أن ترى شعباً ، غزا المعتدون بلاده ، وطفقوا فيه: قتلاً وإذلالاً وتهجيراً.. وحكّامُه ، المسؤولون عن رعايته وحمايته، يمارسون ، ضدّه ، أبشع أنواع القتل والتنكيل والتشريد ، بالتعاون مع الأجانب المحتلين.. وبعضُ فصائله المقاتلة ، التي هبّت ، لحمايته ، تقتتل فيما بينها ، وأعداؤُها يصبّون نيرانهم ، من كل جانب ، عليها ، وعلى أهلها ، دون رحمة !؟

ألا تحسّ بالدهشة ، وأنت ترى حكّاماً ، من بني ملّتك ، ومن بني جلدتك ، يحكمون شعوبا ، من بني ملّتك وبني جلدتك .. يتآمرون عليك ، مع أعدائك ، وهم الذين تتوقع منهم ، العون والنصرة !؟

ألا تنتابك الدهشة، وأنت ترى ثورة صخمة ، يؤيّدها ملايين البشر، وتجري فيها الدماء ، أنهاراً ، ليس لها قائد : يقودها ، وينسّق بين جهود العاملين فيها.. وليس لها مَلأ من العقلاء ، يعين القائد ، في عمله ، ويسدّده ، ويكون وسيطاً، بينه وبين الناس، الذين هم وقود الثورة ، وضحاياها .. ومنهم : قادتُها ، وحمَلةُ راياتها !

الأسئلة كثيرة ، حول هذه الأمور الداهشة ، والمدهِشة ، حقاً! وليس طرح الأسئلة ، هو الداهش ، المدهش ، هنا ، بل عدم طرحها، في كل ساعة ، هو مايثير دهشة الحليم ، بل العاقل ، بل حتى السفيه، الذي لديه بقيّة ، من مروءات الرجال ، أومن إنسانية الإنسان !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين