تصحيح مفاهيم حول النصر

 

وجوه النصر

يخطئ كثيرًا من يتصوّر أو يظنّ أنّ النصر ليس له إلّا صورة الانتصار العسكريّ في معارك حربيّةٍ، أو الانتصار السياسيّ في معارك انتخابيّةٍ أو نحو ذلك، بل النصر له وجوهٌ كثيرةٌ منها:

النصر بغلبة الحجّة والبرهان.

النصر بظهور الحقّ على الباطل، واعتراف أنصار الباطل في نفوسهم بأنّهم مبطلون.

النصر بنجاة المؤمنين من كيد أعدائهم، وسلامتهم من شرورهم.

النصر بإحباط الله خطط الأعداء، وعدم تمكينهم من التغلب على قوّة المسلمين.

النصر بإدالة دولة الكفر ولو بعد حينٍ، عن طريق الانهيار الذاتي، أو بتسلط دولٍ كافرةٍ على أخرى، ثمّ ظهور دولة الإسلام ظهورًا غير مصحوبٍ بأعمالٍ قتاليّةٍ، أو ضجيجٍ إعلاميٍّ.

النصر بالفتح المبين، وتمليك المؤمنين أرض الكافرين وأموالهم، وقتل صناديدهم، (وهذا الوجه من وجوه النصر هو الذي تحبّه جماهير المؤمنين وتظنّه هو النصر الوحيد).

النصر بإنزال الله عقوبته في أعداء دعاة الحقّ وأنصاره بالمهلكات الكونية التي لا يكون للناس كسب فيها.

النصر بانتصار فكرة الداعي إلى الله، ولو كان ذلك الداعي قد سقط شهيدًا على يد أعدائه.

وقد يأتي النصر الفكري بتحوّل الأعداء إلى دين المسلمين المغلوبين المنكسرين في معارك القتال.

فعلى المسلمين ألا ييأسوا من النصر، وأن يعلموا أنّ انتصار الفكرة الإيمانية الإسلامية هي المقصود الرئيس من دعوات الرسل كلّها.

وأنّ الله إذا علم أنّ المسلمين قد صاروا أهلًا لإقامة دولة مؤمنة مسلمة: نَصَرَهم على عدوّهم النصرَ الذي يحبونه، ومكّن لهم في الأرض، فإن الاستخلاف الذي وعد الله به الذين آمنوا وعملوا الصالحات قد وعدهم به إذا صاروا أهلًا لذلك، كما قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى? لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَ?لِكَ فَأُولَ?ئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55]، أمّا إذا لم يكونوا أهلًا له فإنّ حكمته تقتضي بأن لا يستخلفهم، لئلا يكون استخلافهم سببًا في فتنة الناس عن دين الله، لأنّهم حينئذ سيستثمرون الدين لدنياهم الخاصّة، فينقلب الأمر على الدين بعد أن كان الغرض من استخلافهم تأييد الدين ونصره.

وعلى شباب الإسلام، وحَمَلَة لواء الدعوة إليه، أن يتمسّكوا بالإسلام عقيدة ومنهجًا وخطّة عمل، وأسلوب تنفيذٍ، وأن يستهدوا بهدي حركيّةِ بناء الإسلام المتدرّجة، وأن يعرفوا عدوّهم حقًّا، وأن يعدّوا لكل أمر عدّته، وأن لا يتورّطوا في تجارب تستدرجهم إلى ما لا يخدم الإسلام حقًّا، أو تجارب متسرّعة فجّةٍ، أو تجارب طائشة رعناء، أو تجارب مشوّهة، فإنّ في هذا خدمة لأعداء الإسلام الذين يتربّصون به الدوائر.

ملخّص كتاب: تصحيح مفاهيم حول #التوكل و #الجهاد ووجوه النصر،

للشيخ: عبد الرحمن حسن حبنّكة الميداني رحمه الله

موقع على بصيرة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين