الجواب على منكر علامات الساعة -1-

 

كتب بعضهم منكرا لأشراط الساعة :

( قد نتفق أن رؤية الله أو عدم رؤيته قد لا تشكل فارقًا ، لكن ليس لكونه أمرا اعتقاديا فحسب ، لكن لكونه أمرا نتائجه ستحدث في عالم آخر ذَا أبعاد مختلفة).

*** الحقيقة هي الحقيقة بصرف النظر عن كونها في دار التكليف، أو هناك في الآخرة، إذ قيمة الحقيقة في ذاتها بصرف النظر عما تنتجه ، ولو كان الأمر في إثباتها يعود لما تنتجه لكنا أمام إنكار الكثير من الحقائق ، لأننا لا نرغب في نتائجها ، فما كان حقا لا يصح إنكاره لأنه يخالف رغباتنا ، أو ضاق فهمنا عن استيعابه !

ثم قال: (لكن لا يمكن لهذا المثل أن ينطبق على موضوع عودة المسيح أو المسيح الدجال أو المهدي ، وهي أمور ذات بُعد دنيوي ، تمس حياتنا و تقديراتنا للأمور).

علام استند هذا الرجل! في نفي الإمكان ، فقال: " لا يمكن " !!! أيجهل معنى الإمكان الذي هو تساوي طرفي الممكن في النفي ، والإثبات ، ولا يرجح أحدهما على الآخر إلا بمرجح من خارجه ، وبنفيه الإمكان انتقل إلى مجال المستحيل ، والمستحيل هو ما لا يقبل الوجود ، فإلى أيِّ عقل يدعو إليه هذا " العاقل " ؟ !!

ثم قال: (ومن جهة أخرى فإن الاعتقاد بالشيء وعكسه بنفس الوقت هو اعتقاد يؤدي الى تذبذب فكري حاد ، لا علاج له الا باعتماد اتجاه واحد للعقل ، فلا يمكن ان تقنع العقل بأنه لا عودة للإنسان الميت في الدنيا ثم تحدثه عن عودة المسيح )!!!

هو جاهل بما ينسب إلى الله فعلا ، وما ينسب إلى المخلوق ، بل جاهل ، بل هو متغافل ليوقع من يقرأ له عن حقيقة عند المسلمين - إن كان هو مسلما - أن المسيح - عليه السلام - حي في السماء الثانية ، وقد تواترت النصوص على نزوله علامة من علامات الساعة الكبرى التي ينكرها " هذا الرجل " والمسألة من السمعيَّات التي تعتمد في ثبوتها إلى النص ، ولو افترض ما بنى عليه من أن " الميت " لا يعود ، فهذه سنة ، وهي بيد الله ، وقدرة الله لا تحكمها السنة التي هي من وضع الله ، بل السنة محكومة بقبضة الخلاق العليم ، فلو جاء خبر بعودة ميت ، وهو خبر موثوق فهذا لا يعني " التناقض بين عقيدتين " فكيف يفكر هذا " الخابط " في غير ميدانه؟!!

أما قرأ الآيات الواردة بالقوم الذين شردوا من الموت ، وما كان من أمرهم ، أظن أن هذا الرجل لم يقرأ ، ولو قرأ لتوقف عن هذا العبث ، وذاك التأطير يريد به أن يتسنَّم منصة المفكر في الأمور الخطيرة ، قال تعالى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (243)} من سورة البقرة

أظن أنه نص صادم كفيل بأن يغيب الرجل عن وعيه ، حيث لا يقدر على التشكيك في الآية ، وإلا لانكشف ، على أن القاعدة الفكرية الإيمانية تقول : إن الكون يقوم على سنن ، وهذه السنن تحكم من وضع فيها ، ولا تحكم من وضعها ، وأن السنة والخارق سواء بالنسبة إلى الله تعالى.أما سمع بقوله تعالى : {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}

أظن أنه لم يمرّ يوما على الآية ، ولو مرَّ لكفَّ عن عبثه الفكري ، وبنى كفَّه على أنه لما عبث كان بالله جاهلا ، وقد دفعه جهله إلى أن يحكم السنن بقدرة الله ، ويجعلها تستعصي عليها.

*** ومما يجلي هذه الحقيقة ما جاء به الوحي ، من مثل قوله تعالى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}. وقوله : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} !

فمن أين يأتي الرجل بأفكاره ، ويشطب مع قلة خبرته ، وضحالة تناوله ، حقائق كبرى في هذا الوجود ؟!

يتبع

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين