تجليات السنن

 

لو كان أمر مناهج الجامعات الاسلامية والتعليم الديني ومناهج الدعاة والثقافة الاسلامية بيدي لجعلت دراسة فقه السنن موازيا ومناظرا لدراسة أصول الفقه رأسا برأس لحاجته القصوى في عصرنا.

من أكثر أنواع الفقه الذي يجعلنا نتعامل مع الحياة في سلام وتصالح وفاعلية هو "فقه السنن والقوانين" التي جعلها الله تبارك وتعالى حاكمة في الكون والحياة والإنسان والمجتمع.

مثل قوله سبحانه:

"من يعمل سوءا يجز به"

او قوله سبحانه:

"إن تنصروا الله ينصركم"

او قوله سبحانه:

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

تتميز هذا السنن بخصائص ثلاث:

الثبات: 

فهي لا تتغير او تتبدل

والعموم: 

فهي شاملة لا تنتقي أو تختار

والاطِّراد: 

فهي تتكرر ولا تقف عند حد معين

إن مصادمة هذه السنن سيعود بالخسران المبين كما يعود فقهها ومراعاتها بالفوز المبين.

ومن الغريب أن يكتشف غير المسلمين من السنن الكونية والاجتماعية أكثر من المسلمين بكثير!!!!

إن فوائد فقه هذه السنن تتجلى في:

اولا: ترسم خريطة الطريق نحو التغيير الأمثل فهي قوانين فاعلة تنتج أثرها عند الالتزام بها وتنتج عكسها من الفشل عند سلوك طرق أخرى لا تدل خريطة هذه السنن عليها.

ثانيا: تعصم من القفز وحرق المراحل والأحلام والأمنيات وحالة الاستعجال التي تعترينا ونحن نريد تحقيق أمر ما فهي ضابطة لحركة الحياة والأحياء.

ثالثا: تدفعنا لمزيد من الاستكشاف لها والتعرف على آليات حركتها وفاعليتها وتأثيرها خصوصا وأنها لا تحابي أحدا بل تعم المسلم وغير المسلم ومن اكتشفها وعرف سرها ظفر بها وقطف ثمارها.

رابعا: لكونها ربانية الوضع والمصدر والخلق ففقهها والعمل بموجبها واجب شرعي وليس أمرا مندوبا او مباحا لأن الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة معلق بها ولا تخيير في أمر علق به الفلاح .

خامسا: هذه السنن لا تخرق إلا بالمعجزات وهي حصرا للانبياء - وقد مضوا وختموا - او في كرامات تأتي كهبة ربانية لا كطلب بشري وفي نوادر الحالات عند الإضطرار وغيره مثلا فينجي فيه الله تعالى أصحابه. 

لذا لم تعلق الأحكام الشرعية وحركة الحياة على الكرامات وعلقت على سنن وقوانين تجري على الجميع وفي كل الأحوال.

سادسا: يتجلى في فقه السنن عدل الله تعالى بين خلقه حيث وضع القوانين التي تخدمهم بالتساوي دون حيف أو محاباة.

سابعا: تعمل هذه السنن كما هي وظيفتها ولا تنظر إلى مأساة أو كارثة يظن أصحابها أنها ستنحاز لهم في يوم من الايام أو ظرف من الظروف.

وأخيرا:

فلو امتلكت أطراف أو جهات عدة كل تحالفات الدنيا السياسية وكل قوى الأرض العسكرية وكل دعم الكوكب المالية وملايين الموارد البشرية لما نفعها ذلك إذا كانت مشتتة متفرقة

لأن سنة الله الحاكمة هنا تقول:

" وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ? "

ودونكم ما جرى في مصر وفلسطين والعراق وسوريا وليبيا وبقاع أخرى لنعرف صدق سنن الله في خلقه

" وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ? "

إنها قوانين القرآن ...

وعمق القرآن ...

وبساطة القرآن ...

ويسر القرآن ...

ومنهج القرآن ...

ومعجزة القرآن ...

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين