حوار حول: هل يصح نسبة الأشاعرة إلى الجهمية؟

 

ـ كتب أحد الباحثين تحت عنوان "مَن هم الجهميَّةُ؟":

كثيرا ما يتحدث بعض الناس عن الجهمية ناسبين أعلم علماء أهل السُّنة الأشاعرة إلى تلك الفرقة، فيحسنُ بنا لتنبيه الغافلين أن نشير إلى أبرز مقالات هذه الفرقة حتى يعلم العاقل مدى الخطأ في ذلك.

الجهميةُ فرقة منسوبة إلى جهم بن صفوان، وهم قائلون بأنه لا قدرة للعبد أصلا، واللهُ لا يعلمُ شيئا قبل وقوعه، وعلمهُ حادث لا في محلّ، ولا يتصف بما يتصف به غيره كالعلم، والجنة والنار يفنيان، ووافقوا المعتزلة في نفي الرؤية، وفي خلق الكلام، وإيجاب المعرفة بالعقل، وغير ذلك من المقالات الباطلة.

فانظر الآن أيها العاقل إلى هذه المعتقدات الزائغة وقارنها بعقائد أهل الحق الأشاعرة وهم جمهور هذه الأمة وحفظة الكتاب وشرّاح السنة وأئمة اللغة والفقه وسائر العلوم يظهر لك الحق أبلج كالشمس في كبد السماء بإذن الله تعالى.

 

ـ علق أحد الباحثين بأن الجهمية على ثلاث درجات، وأن الأشاعرة ليسوا من الجهمية المحضة، ولا من أهل الدرجة الثانية، ولكنهم يدخلون فيمن فيهم نوع من التجهم.

ـ علق صلاح الدين الإدلبي فقال:

أرى أنه لا يجوز أن نحكم على طائفة كبيرة من المسلمين اعتمادا على قول من يناصبهم العِداء ويحكم عليهم بالابتداع، وخاصة إذا كان من عادته أن يطلق الأقوال الاتهامية على الناس ولا يذكر نصوص كلامهم، وكذا إذا كانت له غرائب عقدية يحتج لها بالأدلة الواهية، فمن الواضح أنه سيعادي ويبدِّع من لا يوافقه عليها، ففي المنهج العلمي في الدنيا هذا غير مقبول، والمشكلة الكبرى هي في الآخرة وليست في الدنيا، لأن الدنيا دار ممر، والآخرة فيها المستقر، وفي الحديث المتفق عليه "وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم".

هذه المشكلة لها حل سهل لعله يرضي الأطراف المختلفة:

ايتوا بنصوص الأشاعرة من كتبهم واعرضوها على محْكمات الكتاب والسنة، فما وافق فاقبلوه، وما خالف فأنكروه وتبرؤوا منه، وما كان محتمِلا فاتركوه.

ولنتعامل بهذا المنهج مع أقوال كل العلماء السابقين على حد سواء.

وبدون هذا تستمر حالة التفرق والانقسام، لكن باستعماله تتوثق عرى الاجتماع والوئام، والله أعلم.

ـ علق الدكتور أحمد عبد العال فقال:

كلام سديد.

ـ علق صلاح الدين الإدلبي فقال:

جزاكم الله خيرا وبارك بكم وأحسن إليكم.

وأسال المولى تعالى ان يبصرنا بالحقائق ويجمع قلوب عباده المؤمنين على الحق الذي امرهم به ورضيه لهم

ـ علق الدكتور أحمد عبد العال فقال:

أنا لا أرى في نسبة الأشاعرة إلى الجهمية إلا إرادة التشويه والتشنيع من خصومهم، وهذا من الطغيان الذي يسلكه بعض أتباع المدارس عندما يقيّمون مخالفيهم، ولا شك أنه قد يوجد تشابه في مسلكٍ ما من المسالك الكلامية بين مدرسة وأخرى واختلاف كلّي في الأصول الأخرى، فمن الظلم والعدوان أن يكون ذلك مبررًا لتعميم الحكم بالتشابه أو التماثل بين مختلفين، بل ربما متضادين، والإنصاف في مثل هذه المسائل هو الاستفصال وتحقيق المناط بالدليل العلمي القطعي، وليس بالتعميم المجافي للحقيقة وواقع الحال، إضافة إلى ما يترتَّب على ذلك من الإساءة الى الغير والافتيات عليه بسبب التعصب والهوى الذي ابتـُلي به بعض المنتسبين إلى أهل العلم قديما وحديثا، واالله أعلم. وبارك الله بكم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين