الدعوة لتنقيح الأحاديث الصحيحة

 

#دعوة_براقة_هدفها_العبث_بالسنة_النبوية

حاورني أحدهم حول بعض الأحاديث النبوية الصحيحة ودعوته إلى إلغاء بعض الأحاديث الصحيحة بسبب ما تضمنته من مفاهيم فأجبته بما يأتي :

المشكلة هي في فهم هذه الأحاديث الصحيحة فهما صحيحاً ، وهذه المشكلة تنطبق على آيات القرآن الكريم وعلى الأحاديث الصحيحة سواء بسواء ، فإذا جاء داعشي وقرأ قوله تعالى : ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ ) فيفهم الآية فهماً خطأ : فيستحل دماء الذميين والمستأمنين من غير المسلمين ، وقد يأتي علماني كذلك يقول: ( انظروا الى القرآن كيف يستبيح دم كل من يخالفه ) 

فالقضية تابعة لهذا الفهم المشوه ، وليس للقرآن نفسه وليست للأحاديث النبوية.

عملية إعادة تنقيح الأحاديث ومراجعتها هي في ظاهرها دعوة براقة ، ولكن في حقيقة الأمر فتح للعبث في السنة وإلغاء أحاديث صحيحة : كل واحد يلغي ما يشاء بحسب توجهه الفكري، وبحسب فهمه واطلاعه المحدود وهو غير متمكن من اللغة العربية وأساليبها لفهم دلالات الحديث ومعانيه .

فمثلا حديث الذبابة وهو : ( إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينتزعه (ليطرحه) فإن في إحدى جناحية داء وفي الأخرى شفاء ) "أخرجه البخاري وابن ماجه وأحمد" : بالنسبة لي لا أستطيع إلغاءه إلا إذا كانت دراسات علمية لعلماء متخصصين أثبتوا أنه من خلال التجارب أنها ليس لذلك أي تأثير ، وكذلك حديث ( في الحَبَّةِ السوْدَاءِ شِفَاءٌ من كل دَاءٍ إلاَّ السَّام) رواه البخاري .

لا أرى هناك حاجة للتنقيب في كتب الحديث الشريف لإخراج أحاديث ليست متداولة بين الناس وأقيم عليها دراسة لتصحيحها أو لتكذيبها .

عندما تصبح هناك ظاهرة عامة ووجدنا من يتداول بعض الأحاديث التي تخالف ما اتفق عليه العقلاء وعلماء التربية ويتناقض مع العلم لكان الرد عليهم وبيان بطلان هذه الأحاديث من الواجبات والمهمات الأساسية على العلماء وطلاب العلم .

ولكن ما علاقة أحاديث القبر وأحاديث رجم الزاني المحصن وأحاديث الشفاعة وأحاديث الدجال وشروط الساعة وغيرها في هذا الأمر أين هذه المخالفات العلمية والتربوية في هذه الأحاديث ؟؟!!

هناك أوليات في حياتنا تتطلب أن نشغل أنفسنا بها بدل التركيز على هذه الأحاديث الصحيحة : ولنعمل جميعاً على كشف الأمراض الحقيقية التي أدت الى تخلفنا وأوصلتنا الى الجهل ، لنبحث عن الوسائل الحقيقية التي تعالج هذا الواقع المرير الذي نعيشه، ولنركز على كل ما يؤدي بنا الى نهضة علمية وتربوية واجتماعية حقيقة ، وليكن اهتمامنا بكل ما يؤدي إلى رقي أخلاقي وسلوكي في جميع مناحي حياتنا .

وبعد هذه الحوار والرد وإذا به يقول لي : لم نستفد شيئاً ( مكان راوح ) .

فقلت له : 

1- وما أعظم المراوحة على الحق الذي ثبت عليه كبار علماء الأمة المحققين وبينوا أن هذا الأحاديث الصحيحة الثابتة ومنها ما وصل لحد التواتر : لا تخالف عقلا ومنطقاً ، ولم تكن سببا في تخلف الأمة على مدار العصور 

2- والجرأة إنما في الرد على هؤلاء المشككين الذين يروجون لما ينشره أتباع المستشرقين والملحدين الذي يثيرون الشبهات .

وأما الحقيقة فهي في المنهجية العلمية التي رسمها المحققون من فطاحل علماء الأمة وعباقرتها عندما أنتجت لنا عبقريتهم هذا العلم الشامخ : ( علم أصول الحديث وضوابط قبوله ) والذي يعتبر من مفاخر أمة الإسلام ، والذي بناء عليه يكون التدقيق في رواة الحديث وفق جرح وتعديل موثق، مع دراسة المتون دراسة موسعة شاملة قائمة على أصول العربية وأساليبها .

وليست دراسة مختزلة لأناس ما شموا رائحة اللغة العربية ولم يدرسوا بلاغتها ، ولم يتعمقوا فيها . 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين