نواقض الإيمان في ميزان الكتاب والسنة (14)

 

استحلال المحارم والامتناع عن التحريم عنادا والإعراض عن دين الله

 

* ـ قال بعض المشايخ: 

"مَن فعل المحارم مستحلا فهو كافر بالاتفاق، والاستحلال اعتقاد أنها حلال، وذلك يكون تارة باعتقاد أن الله لم يحرمها، وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها، وتارة يعلم أن الله حرمها ثم يمتنع من التزام هذا التحريم ويعاند، فهذا أشد كفرا ممن قبله". 

أقول: 

الذي يفعل بعض الأعمال المحرمة تحريما قطعيا لا شبهة فيه وهو يعلم أن الله حرمها: إن كان مستحلا لذلك فهو كافر بالاتفاق، كما ذكره الشيخ، والذي يرتكب فعلها عنادا ففيه تفصيل: إن فعلها معاندة لله جل وعلا فهو كافر، لأن هذا يتنافى مع تعظيم الله تعالى، وإن فعلها معاندة لفظاظة الذي ينهاه عن المنكر مثلا فهو فاسق ظالم لنفسه ولا يتأتى الحكم عليه بأنه كافر. 

* ـ قال بعض المشايخ: 

"مِن الشرك: الإعراضُ عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به، والدليل قوله تعالى {ومن أظم ممن ذكِّر بآيات ربه ثم أعرض عنها؟! إنا من المجرمين منتقمون}". 

أقول: 

إذا كان المرء معْرضا بقلبه عن الإيمان بحيث إنه ليس في قلبه منه شيء فهذا يعني أنه ليس بمؤمن أصلا، وإذا لم يكن معْرضا بقلبه عن الإيمان وكان عنده الحد الأدنى منه فلا يجوز الحكم عليه بالشرك المخرج من الملة، والإعراضُ عن التعلم والعمل لا يعني دائما أن المعرِض عن هذا معرِض عن أصل الإيمان إذا كان متحققا ـ على الأقل ـ بالحد الأدنى منه، والحد الأدنى يؤهله ليكون مشمولا بآخر مراتب الشفاعة التي تنجيه من التخليد في النار، أما إذا حكمنا عليه بالشرك فمعناه أنه مخلد في جهنم ولا تدركه الشفاعة مطلقا، ولا يصح الحكم بهذا على من عنده الحد الأدنى من الإيمان ولم يأت بما ينقض ـ على التحقيق ـ ركنا من أركانه. 

وكونه من الظالمين يعرضه للانتقام الرباني، ليس في هذا شك، ولكن ليس كل من كان من الظالمين فهو مشرك. 

الحلقة السابقة هــــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين