الفضيلة بشرط التقوى

الشيخ : أحمد النعسان

الإسلام رعى المرأة منذ طفولتها الأولى, إلى سن صباها وهي زوجة, إلى سن كهولتها وشيخوختها وهي أم, أما الغرب أهمل المرأة منذ نشأتها إلى سن شيخوختها.

فإذا علمت المرأة هذا العطاء وجب عليها أن تعلم أن وراء هذا العطاء تكليف لها, وهذا التكليف من أجل مصلحتها وليس من أجل مصلحة المشرِّع, كما جاء في الحديث الشريف القدسي (يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّوني، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُوني، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أوَّلَكُمْ وآخِركُمْ، وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أتقَى قلبِ رجلٍ واحدٍ منكم ما زادَ ذلكَ فِي مُلكي شيئاً، يا عِبَادِي لو أَنَّ أوَّلكم وآخرَكُم وإنسَكُم وجنكُمْ كَانوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئاً، ...... يَا عِبَادِي إنَّما هِيَ أعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْراً فَلْيَحْمِدِ اللَّه، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إلاَّ نَفْسَهُ) رواه مسلم.

الفضيلة بشرط التقوى:
أيها الإخوة: أريد أن تقف المرأة المسلمة أمام قول الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}. حيث يتوجه الخطاب من الله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم اللواتي هن قدوة للمسلمات جميعاً, كيف تكون علاقتهنَّ بالناس, وعلاقتهن بالله عز وجل, ولننظر إلى وسائل إذهاب الرجس ووسائل التطهر التي ذكرها الله تعالى وأمرهنَّ بالعمل بهنَّ, وهنَّ أهلُ البيت, وزوجاتُ النبي صلى الله عليه وسلم, وأطهرُ من عرفت الأرض والسماء, وما عداهنَّ من النساء أحوج إلى هذه الوسائل ممن عشن في كنف النبي صلى الله عليه وسلم وبيته الرفيع.

{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ}:
أول وسيلة من وسائل التطهر, أن تعلم المرأة بان الانتماء الحسي أو الشكلي للإسلام وحده لا ينفع, فليست المسألة مجردَ قرابة من النبي صلى الله عليه وسلم, وليست مجردَ رابطة زوجية, وليست مجردَ انتماء, بل لا بد من القيام بحق هذه القرابة وحق هذا الانتماء.

وهذا هو الحق الصارم الحاسم الذي يقوم عليه الدين, والذي يقرره سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو ينادي أهله ألَّا يَغُرَّهم مكانهم من قرابته, فإنه لا يملك لهم من الله شيئاً.

1ـ يقول صلى الله عليه وسلم: (يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ, يَا صَفِيَّةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, لَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتُمْ) رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها.

2ـ يقول صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ, يَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ, يَا مَعْشَرَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ, يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ, يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ النَّارِ, يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنْ النَّارِ, فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ لَكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا إِلَّا أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبِلَالِهَا) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (شَيْئًا إِلَّا أَنَّ لَكُمْ رَحِمًا سَأَبُلُّهَا بِبِلَالِهَا) يعني سأصلها في الدنيا, ولا أغني عنها من الله شيئاً. أو بالشفاعة في الآخرة إن آمنتم واتقيتم.

3ـ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا بَنِي هَاشِمٍ لا يَأْتِينِي النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ وَتَأْتُونَ بِأَنْسَابِكُمْ فَأَقُولُ لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا).

4ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ) رواه الطبراني في الأوسط.

5ـ عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَمَرَ اللَّهُ مُنَادِيًا، فَنَادَى: إِنِّي جَعَلْتُ نَسَبًا، وَجَعَلْتُمْ نَسَبًا، فَجَعَلْتُ أَكْرَمَكُمْ أَتْقَاكُمْ، فَأَبَيْتُمْ إِلا أَنْ تَقُولُوا: فُلانُ بن فُلانٍ خَيْرٌ مِنْ فُلانِ بن فُلانٍ، فَأَنَا الْيَوْمَ رَافِعٌ نَسَبِي، وَأَضَعُ نَسَبَكُمْ , أَيْنَ الْمُتَّقُونَ؟). رواه الحاكم.
لذلك وجب على المرأة المسلمة أن تعلم بأنها ليست كالنساء الكافرات اللواتي يعشن في هذه الحياة الدنيا بدون منهج, يعشن في هذه الحياة الدنيا عيشة الهمج, وكذلك يجب عليها أن تعلم بأن الانتماء للإسلام وحده بدون تقوى لا يكفي بل لا بد من الاستقامة على الشرع الحنيف كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}. فالإيمان الحق هو اعتقاد بالجَنَان وعمل بالأركان, الإيمان الحق هو منهج كامل للحياة يشمل كلَّ نشاط فيها وكلَّ اتجاه, وكلَّ حركة وسكون.
المنهج واصل, والاستقامة عليه ضمانُ الوصول إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.
فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تغتر بالانتماء إلى الإسلام قولاً, وسلوكها يناقض قولها, لأن الله تعالى ما رضي هذا لنساء النبي صلى الله عليه وسلم وهنَّ أطهر النساء على الإطلاق إلى قيام الساعة, فلا بد من التقوى, والتقوى سلوك وعمل.
وهذا ما أكَّده القرآن العظيم في مثل قوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا}. ما قال: ثم ننجي الذين آمنوا فقط, بل قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا}.

وقال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا}, ثم قال: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا}, كان حسب الظاهر أن يُقال مقابل الذي كفروا الذين آمنوا, ولكن ربنا عز وجل قال: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا}.
كلُّ هذا يُعلِّمنا بأنه يجب علينا أن نظهر آثار الإيمان على جوارحنا, لأن الفارق بين المؤمن والكافر عندنا هو الظاهر, كيف نفرِّق بين المؤمنة وغير المؤمنة؟ ظاهر المرأة هو الذي يفرِّق, وكل من يقول: الإسلام ليس بالشكليات فهو مغتر في الحقيقة, لأننا نقول: الإسلام هو اعتقاد في القلب, وسلوك في الجوارح وفق ما شرع لنا الذي آمنا به رباً.

نسب بلا اتباع لا ينفع:
أيها الإخوة يجب على المرأة المسلمة أن تعلم بان النسب والانتماء وحده لا يكفي, بل لا بدَّ من القيام بواجب هذا النسب.

1ـ هذه زوجة سيدنا نوح وزوجة سيدنا لوط لم تنتفعان من قربهما من زوجيهما, قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}. إن خيانة امرأة نوح وامرأة لوط هي خيانة في الدعوة, وليست خيانة الفاحشة, امرأة نوح كانت تسخر منه مع الساخرين من قومه, وامرأة لوط كانت تدل القوم على ضيوفه وهي تعلم شأنهم مع ضيوفه.
هذه الخيانة مع وجود رابطة الزوجية ما نفعت الزوجتين عند الله عز وجل, {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}. فلا بد للمرأة المسلمة أن تجعل من إسلامها منهجاً كاملاً عقيدة وسلوكاً كما شرع الله تعالى لها, فتلزم شرعه حتى تنتفع من انتمائها للإسلام.

ويجب على المرأة المسلمة أن تستعلي على عرض الحياة الدنيا إذا كان يؤثر على دينها وعقيدتها, ولتنظر هذه المرأة المسلمة إلى المثل الذي ضربه لها في القرآن العظيم: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين}.

امرأة فرعون درسٌ وعبرةٌ لكل امرأة مسلمة تعيش في هذه الأيام, وطغيان الغرب يحوطها من كل جانب, امرأة فرعون مثلٌ رائع للمرأة المسلمة حيث لم يصدَّها طوفان الكفر الذي تعيش فيه في قصر فرعون عن طلب النجاة وحدها.

تبرأت من قصر فرعون طالبةً من ربها بيتاً في الجنة, وتبرَّأت من صلتها بفرعون فسألت ربها النجاة منه, وتبرَّأت من عمله مخافة أن يلحقها من عمله شيء وهي ألصق الناس به: { وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين}.

فهل تتبرأ المرأة المسلمة من الغرب وزخارفه المزيفة؟ وهل تتبرأ من عاداتها الغربية, وتسأل الله النجاة من هذا الشر المستطير الذي دنَّس شرف المرأة؟ وهل تتبرَّأ من عمل الغرب المشين بحقِّ المرأة أن يلحقها منه شي؟

لقد كانت امرأة فرعون زوجةَ أعظمِ ملوك الأرض يومئذ, وكانت في أعظم قصر تجد فيه المرأة ما تشتهي, ولكنها استعلت على هذا الترف ومظاهر الحياة الدنيا بالإيمان, ولم تعرض عنه الإعراض فحسب بل اعتبرته شراً ودنساً وبلاءً تستعيذ بالله منه وتطلب النجاة منه.

امرأة وحدها في هذا الوسط, الضغط عليها من كل جانب, من جانب المجتمع, ومن جانب القصر, ومن جانب الملك, ومن جانب الحاشية, ومن جانب المقام الملكي, في وسط هذا كله رفعت رأسها إلى السماء وحدها في خضم هذا الكفر الطاغي, وقالت: {رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين}.

من فطانة زوجة فرعون رضي الله عنها أنها طلبت العِنديَّة قبل المكان, فقالت: {رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ} طلبت العنديَّة, ثم قالت: {بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ}, لأنها أعرضت عن فرعون وملكه وقصره وما يملك من أجل الله عز وجل, لذلك طلبت العنديَّة أولاً, وأن تكون في الجنة, وهذا الذي أشار إليه مولانا عزو جل في حقِّ أصحاب النفوس المطمئنَّة بقوله: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّة * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} هؤلاء العباد الذين رجعوا إلى الله لأنهم كانوا يطلبونه, فأكرمهم بالجنة عندما أخلصوا له تبارك وتعالى, ثم قال: {وَادْخُلِي جَنَّتِي}. فالمطلوب أولاً هو الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}. اللهمَّ اجعلنا منهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

2ـ هذا ابن سيدنا نوح عليه السلام لم ينتفع من قربه من سيدنا نوح عليه السلام, قال تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.

3ـ من خلال هذا الموقف الرهيب الحاسم {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِين}. {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِين}. نَتَعَلَّمُ درساً عظيماً ويجب على المرأة خاصة أن تتعلَّم هذا الدرس الذي غفل عنه أكثر الناس, الأهل عند الله تعالى وفي دين الله عز وجل وفي ميزان الشريعة ليسوا قرابة الدم, إنما هم قرابة العقيدة ـ وعرفنا بان العقيدة اعتقاد في الجَنَان وعمل بالأركان ـ وهذا الولد ليس مؤمناً, إذاً فليس هو من أهله وهو النبي المؤمن. {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين}.
جاء هذا الرد بقوة وتقرير وتوكيد, وفيما يشبه التقريع والتأنيب والتهديد. {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}. فهو مُنْبَتٌّ منك وأنت مُنْبَتٌّ منه, ولو كان ابنك من صلبك, فالعروة الأولى مقطوعة يرتجف فؤاد سيدنا نوح عليه السلام, ويلجأ إلى الله تعالى, ويستعيذ بالله أن يسأله ما ليس له به علم, ويطلب منه غفرانه ورحمته, {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِين}.

خاتمة نسأل الله تعالى حسنها:
أيها الإخوة الكرام: إذاً يجب على المرأة المسلمة أن تعلم بأنها ليست كبقية النساء غير المسلمات إذا اتقت الله عز وجل, أما إذا لم تتق الله عز وجل بجوارحها فإن انتماءها للإسلام عقيدة بلا سلوك لا يكفيها, وهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يجلي لنا هذه الحقيقة بقوله: (سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ) رواه الحاكم عن عمرو بن عوف.

لقد رفع الإسلام سلمان فارس   ***   وقد وضع الشركُ الشقيَّ أبا لهب
فالرباط رباط اعتقاد وسلوك. وعلى المرأة المسلمة أن تنظر إلى توجيه الله عز وجل لأمهات المؤمنين اللواتي هنَّ قدوة لغيرهن, وأن تأخذ بتلك التوجيهات إذا أرادت أن تحشر معهن يوم القيامة.
فما هي وسائل التطهير التي طهَّر بها مولانا عز وجل أمَّهاتنا؟ هذا حديث الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى.

نسأل الله تعالى أن يلحقنا بالحبيب الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ولعلَّ الحديث له صلة في الدرس القادم إن شاء الله تعالى. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين