حكم الوقوف العشرة وغيرها المسماة وقوف جبريل (9)

 

من الناحية التطبيقية 

6- {… وَلَو شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُم أُمَّةً واحِدَةً وَلكِن لِيَبلُوَكُم في ما آتاكُم فَاستَبِقُوا الخَيراتِ إِلَى اللَّهِ مَرجِعُكُم جَميعًا فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم فيهِ تَختَلِفونَ} [المائدة: 48].

حكم الوقف على قوله: {فاستبقوا الخيرات}:

قال ابن الأنباري:

(فيما آتاكم) حسن، (فاستبقوا الخيرات) أحسن منه. انتهى.

النحاس: صالح.

الداني: (فيما آتاكم) كاف، (فاستبقوا الخيرات) أكفى منه. انتهى.

زكريا الأنصاري: حسن، وقال أبو عمرو [الداني]: كاف. انتهى.

منار الهدى: حسن.

وأما المصاحف:

فوضع رمز (ج)، في مصحف فؤاد، والسيد عثمان، والشمرلي، والكويت، وفهد1، وفهد2، والإمارات.

ورمز (ط) في مصحف الهند. 

ورمز (صه) في مصحف المغرب.

7- {… قالَ سُبحانَكَ ما يَكونُ لي أَن أَقولَ ما لَيسَ لي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ…} [المائدة: 116].

حكم الوقف عند قوله:

{مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ}:

قال ابن الأنباري: {لي بحق} وقف حسن.

وقال قوم: الوقف {ما ليس لي}، ثم تبتدئ: {بحق إن كنت قلته فقد علمته}.

وهذا خطأ، لأن الباء في {بحق} تبقى متعلقة بغير شيء، ولا يجوز أن يكون هذا يمينًا، لأن اليمين لا جواب لها ههنا. انتهى.

وقال النحاس: {ليس لي بحق} تم، لأن الباء جواب الجحد، وحكي عن بعضهم: {بحق إن كنت قلته فقد علمته}، وهذا خطأ، لأن الباء إن كانت غير متعلقة بشيء فذلك غير جائز، وإن كانت للقسم لم يجز، لأنه لا جواب ههنا، وإن كانت ينوي بها التأخير كان خطأ، لأن التقديم والتأخير مجاز، ولا يستعمل المجاز إلا بتوقيف أو حجة، ولا حجة في ذلك ولا توقيف. انتهى. 

وقال الداني: {ما ليس لي بحق} كاف.

وقال قائل: الوقف على {ما ليس لي}،

وليس بشيء، لأن قوله {بحق} مِن صلة {لي}، والمعنى: ما يحق لي أن أقول ذلك.

وقد آثر بعضهم الوقف على ذلك، بأن جعل الباء في قوله {بحق} صلةً لقوله {فقد علمته} بتقدير: إن كنت قلتُه فقد علمتَه بحق. وذلك خطأ، لأن التقديم والتأخير مجاز، فلا يستعمل إلا بتوقيف أو بدليل قاطع. انتهى.

وقال زكريا الأنصاري: كاف.

وقال ابن الجزري في النشر: ليس كل ما يتعسفه بعض القراء مما يقتضي وقفًا يوقف عليه، كأن يقف على قوله: {ما ليس لي}، ثم يبتدئ {بحق...}، وهو خطأ من وجهين:

أحدهما: أن حرف الجر لا يَعمل فيما قبله، قال بعضهم: إن صح ذلك عن أحد كان معناه: إن كنت قلته فقد علمته بحق.

الثاني: أنه ليس موضعَ قسم.

وجواب آخر: أنه إن كانت الباء غير متعلقة بشيء، فذلك غير جائز، وإن كانت للقسم لم يجز، لأنه لا جواب ههنا، وإن كان ينوي بها التأخير كان خطأ، لأن التقديم والتأخير مجاز، ولا يستعمل المجاز إلاَّ بتوقيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو حجة قاطعة. انتهى.

وقال السيوطي في الإتقان: قال بعض العلماء: أكثرُ الأَقسام في القرآن المحذوفةِ الفِعلِ لا تكونُ إلّا بالواو، فإذا ذُكِرَتِ الباءُ أُتيَ بالفِعل، كقولِه: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ}، {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ}.

ولا تَجِدُ الباءَ مع حذفِ الفعلِ،

ومِن ثَمّ كان خَطَأً مَنْ جَعَلَ قَسَمًا: {بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ}، {بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ}، {بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ}. انتهى.

منار الهدى: {لي بحق} حسن،

ثم نقل الأشموني كلام ابن الجزري وغيره.

وأما المصاحف:

فوضع عند قوله: {بحق}

رمز (ج)، في مصحف فؤاد، والسيد عثمان، والشمرلي، والكويت، وفهد1، وفهد2، والإمارات.

ورمز (ط) في مصحف الهند. 

ورمز (صه) في مصحف المغرب.

والأولى رمز (قلى)، والله أعلم.

وعند قوله: {ليس لي}،

لم يوضع رمز إلا في مصحف الهند فوضع رمز (ق) وهو علامة الوقف الذي لم يقل به أكثر العلماء.

ويعرف بما تقدم عن العلماء أنه من الوقوف المتعسفة المغلوطة، والله تعالى أعلم.

الحلقة السابقة هــــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين