هل يمكن إنقاذ إدلب وحماة؟

الجبهات تتهاوى بسرعة والأراضي والقرى تسقط بالجملة في يد النظام، فهل ما يزال ممكناً إنقاذُ إدلب وحماة؟ نعم، إذا وُجدت ثلاثة أمور: الوعي والإرادة والإخلاص.

بالوعي يميز الثوار العدوَّ من الصديق، فيحذرون الخطرَ الخفيّ كما يحذرون الخطر الجَليّ، فإنّ ما أصاب ثورتنا من بلايا وكوارث على أيدي الأعداء الأخفياء يفوق ما أصابها على أيدي الأعداء الأبيِناء بأضعاف مضاعفات. وبالإرادة والإخلاص يكون الاجتماع الجادّ على دفع العدو وحماية الأرض بعيداً عن حظوظ النفوس والمنافع والأهواء.

* * *

إنْ كانت جبهة النصرة مصمّمةً على تسليم شرق السكة للنظام والانسحاب لغرب الأتستراد (تنفيذاً لاتفاقيات سرّية خبيثة مع العدو كُشفت وذاع أمرها بفضل الله) فإن في تلك الأرض رجالاً يُحسنون الدفاع عن أرضهم التي باعها الغلاة للغزاة. وإذا كان قادة بعض فصائل المنطقة قد باعوا أنفسهم وفصائلهم للجولاني لقاء منصب ومكسب وجاه ومال فليتركوا الجبهات وليُخْلوا الساحات جهاراً نهاراً، ولا يخادعوا الناس وينسحبوا بليلٍ مسربَلين بأردية الظلام.

هذه الثورة العظيمة ثورة ولاّدة وفيها رجال لا يقبلون الذل والهوان والاستسلام، فخلّوا بين الناس وأرضهم، فلا يحفظ الأرضَ مثلُ أهل الأرض ولا يحرص على البلاد غيرُ سكان البلاد.

إنّ في الفصائل المتخاذلة آلافاً من الشبان الصادقين من سكان تلك القرى والبلدات، لو تُركوا وما يحبون لرابطوا في الأرض حتى الموت، إنما يقيدهم قادة متواطئون وتعطلهم فصائل متخاذلة، فليحملوا أسلحتهم وليفارقوا فصائلهم وليلحقوا بأرضهم فيجتمعوا فيها ويتكتّلوا في كتائب محلية صغيرة، فإنّ الصغيرَ مع العزيمة والإصرار كبيرٌ والكبيرَ مع الوهن والتخاذل صغير، وإنّ حمامةً تستوحش دفاعاً عن وكرها وصغارها أشدّ بأساً من أسد خَوّار.

* * *

لا تثقوا بجبهة النصرة فإنها بنت داعش، وهي مسخَّرة لتكملة مهمة داعش وتسليم ما بقي من أرضنا للنظام، ولا تثقوا بالقادة الذين باعوا ضمائرهم وأنفسهم للجولاني ورضوا بأن يكونوا خدماً له وينفذوا أوامره بالتسليم والانسحاب. لا تثقوا بأي من الخونة المتخاذلين الذين ظهر شرّهم وانكشف خَبيئهم الخبيث، وليبحث الصادقون المخلصون عن الصادقين المخلصين، فهذا وقتٌ لا ينفع فيه غيرُ الصدق والإخلاص.

أما مَن بقي في الشمال من الفصائل الشريفة (وما أقلَّها بعدما فتك الجولاني بها وشرّد مقاتليها في الآفاق) فلتجمع عناصرَها وأسلحتَها في قوة ضاربة موحدة، ولتترك الخلافات والنزاعات وتأتلف على قيادة واحدة راشدة، ولتعتزل جبهةَ النصرة الخائنة فلا تجتمع معها في محور ولا جبهة ولا غرفة عمليات، ولتنسق أعمالها العسكرية مع الكتائب المحلية في القرى والبلدات، وعسى -إنْ أخلصت النيّةَ وعقدت العزيمة- أن يحمي الله بها الأرض ويفتح على أيديها الفتوح العِظام.

اللهمّ كن لأهلنا في إدلب وحماة ناصراً وحافظاً يا خير حافظ وخير نصير.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين