حكم احتفال المسلم برأس السنة الجديدة وحكم تهنئة المسلم للمسلم بها (3)

 

إذا كانت تهنئة المسلم لقريبه الكافر أو جاره أو زميله في العمل جائزة، من باب المجاملة وحسن المعاملة،

فينبغي التنبه إلى أن هذا لا يعني جواز مشاركتهم في احتفالاتهم، أو أن يقيم المسلم احتفالا في بيته، أو أن يهنئ المسلم أخاه المسلم بهذه المناسبة!

فقد اعتاد كثير من المسلمين - واأسفا - تقليدَ الغرب والنصارى في الاحتفال بيوم رأس السَّنة الميلادية، وكأنه عيد للمسلمين، 

بل قد يحتفل به بعضهم أكثر مما يحتفل بعيد الفِطر والأضحى!.

فلا يجوز مُشابهة أهل الكفر في أحوالهم الخاصة من أعياد ومناسبات،

لا يجوز للمسلم أن يحتفل برأس السنة الميلادية،

ولا يجوز للمسلمين أن يتبادلوا التهاني فيما بينهم،

فإن شرعنا الحنيف يحذرنا من موافقة أهل الكتاب.

- روى البخاري (3456) ومسلم (2669)

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

(لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ).

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟

قَالَ: (فَمَنْ)؟.

- روى أحمد وأبو داود (4031) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ).

- روى البخاري (5892) ومسلم (259) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ). وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ، قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ.

- روى البخاري (3558) ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُؤُوسَهُمْ، فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُؤُوسَهُمْ، 

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ،

ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ.

وفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بدء الإسلام يخالف المشركين ويحب موافقة أهل الكتاب (فيما لم يومر فيه بشيء)

ثم في المدينة بعد ذلك خالف أهل الكتاب أيضا، وشدد على مخالفتهم، وحذر من اتباعهم.

- روى البخاري (5899) ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

(إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ).

وفي رواية لأحمد والنسائي والترمذي (1752) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

(غَيِّرُوا الشَّيْبَ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ).

- روى مسلم (2077) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: (إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا).

ففي هذا الحديث النهي عن التشبه بهم في ثيابهم،

بل حرَص النبي صلى الله عليه وسلم على مخالفتهم في صفات بعض العبادات التي يشتركون معنا فيها، مثل التسحر، وصيام تاسوعاء مع عاشوراء:

- روى مسلم (1096) عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ).

- روى مسلم (1134) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا حديثَ صوم عاشوراء، وفيه:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ).

قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وههنا ملحظ للمسلم الواعي

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخالف أهل الكتاب، في وقت كان الإسلام عزيزا كان أهل الكتاب في ضعف،

فمن باب أولى أن يتمسك المسلم اليوم بسنة نبيه ويخالف النصارى واليهود في افعالهم وأعيادهم ومناسباتهم،

ولا ينساق مثل الناس الضعفاء في اتباعهم للأقوياء،

ولا يكون من المغلوبين الذين يقلدون الامم الغالبة،

بل يتمسك بدينه وشريعته

وقرآنه وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم،

والمسلم الصادق المحب للنبي صلى الله عليه وسلم 

يتشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله، وحركاته وسكناته، وآدابه وأخلاقه،

فهذا مقتضى المحبة. ويتشبه بالصالحين، ويتشبه بأهل الخير والتقوى والإيمان والطاعة.

نسأل الله تعالى أن يردنا إلى دينه ردا جميلا

وأن يجعلنا من المتمسكين بهدي نبيه

وأن يعز المسلمين.

الحلقة السابقة هــــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين