الأسباب الحقيقية وراء الأحداث الكبرى 

لعلّ الأسباب الحقيقيّة وراء الحربين العالميّتين، وحادثة تدمير وتفجير أبراج نيويورك، وغيرها الكثير الكثير من الحروب والأحداث الّتي غيّرت مسار التّاريخ البشريّ..ما زالت خفيّة عند الكثيرين منّا، وتحتاج لدراسات لمتخصّصين من أصحاب النّظر والخبرة والإطّلاع لفهم ما وراء المحكي والظّاهر، ودراية بربط أحداث التاريخ بعضها بعضاً بتجرّد وموضوعيّة، وهذا ليس بالأمر السّهل، بل وقلّة قليلة من يجيد ذلك العلم وذاك الفنّ..!

صحيح أنّ بعض الحروب يمكن التّحكّم ببداياتها، بينما يصعب جداً، وصولاً إلى شبه استحالة التّحكّم بنهاياتها، وصحيح أنّ بعض الحروب يشتعل فتيلها عبر حدث جلل أو شرارة لسلسلة من الأحداث والأزمات المستعصية، لكن بعضها ينشأ أيضاً عن سابق تخطيط دقيق لتغيير حال إلى آخر، وتوازنات إلى أخرى، يستحيل تغييرها في العمق وجذريّاً في أحوال وظروف السّلم والسّلام، حيث تقوم بعدها معادلات جديدة وأمر واقع على الأرض ما كان ليظهر ويقوم لولا العمليّات الجراحيّة الصّعبة والمؤلمة الّتي أنتجتها وأفرزتها تلك الحروب وما صاحبها من آلام وويلات..

ولعلّ ما جرى ويجري في الحروب والأحداث الكبرى يصبّ في هذا المعنى والإطار، إذ لا يبدو غالباً احتلال قطعة من أرض أو مقتل زعيم أو رئيس أو إسقاط طائرة أو غيرها، على خطورة ذلك وفداحة الجرم ابتداءً، وضرورة محاسبة وعاقبة مرتكبيه، لا يبدو مبرّراً لحرب طاحنة تحصد عدواناً الملايين من الأرواح البريئة، وتشرّد ظلماً الملايين الأخرى، وتدّمر البلاد وترهب العباد..سوى وضعها على الأرجح في إطار تغيير خارطة كبرى، وخانة أهداف جيوسياسيّة استكباريّة عظمى، عبر ظروف غاية في الاستثنائيّة، يستحيل لها أن تتحقّق في الظّروف والأوضاع الطّبيعيّة والسلميّة السّائدة بين الدّول والمتعارف عليها بين الشّعوب..

والله أعلم وهو وليّ الأمر والتّدبير..

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين