قراءة في الكون

 

الأستاذ : عمار نجار

 

لم أشأ بين طيات الوجدان أن أترك ميلان الورد قبل شمه , ولا تلفت الظبي عندما يسرق القلب بلحظ عينه , ولا إطلالة البدر عندما يخرج من خدره , إلا أن أرسم علامات حتى أستذكر تلك الأويقات , وربما أضع علامات ترقيم دونما ملئ ما بينها , لأنني في بحر الرسم لا أتقن السباحة فكيف بالغوص , وعلاماتي رموز, ومن المعلوم أن لغة الوجدان إشارات ورموز , ليس يعني بأنني أتقنت هذه اللغة لكني ألفت دغدغة الوجد من حيث يتحرك , وما دغدغت الوردة إلا مالت لمن دغدغها .
جمال هذا الكون لابد أن أعيشه في كل جزيء فيه لأنه جميل ومن حقه أن أكون كذلك , أحس بكل نسمة هبت أنها أتت لي , وبكل شجرة مظلة أنها مالت بأوراقها لي , وبكل عصفور يغرد أنه يدندن معي , وبكل لحظة في الكون أنها أتت مهيأة لأستقبلها وأمليها بما تحب , وبكل وجه وضاء أنه لقاء غالي الثمن , وبكل بقعة أمشي عليها أنها مشتاقة لي , ولا بد أن تشهد لي لاحقا لأن الشوق لا يثمر سوى شهادة الرضا , وبكل قطرة ماء أنها حياة  لمتأملها قبل شاربها , وبكل مشهد أصادفه أنه هبة لي وقراءته متعة , لأن قراءة الكون هو قراءة آيات مبدعه فيه , فلم تقتصر آياته على مابين دفتي كتابه المعظم .
قالوا: إن في هذه الحياة مواسم محددة تستقي فيها، فقلت: إن في كل يوم موسم لي مادمت متوجها لمصدر أراه في كل مخلوق له يجدد فيَّ ما بذاتي فتتجدد قراءاتي فلا أدري أأنا في موسم متجدد أم في مواسم متغيرة . ما أجملك يا رب ! يحار العبد فيك فيفكر فيك فيغيب فيك , أنت الحبيب لكل المحب , أنت القريب لكل متوجه , عذبَنا الدلال رجوة التعرف عليك , لا تترك قلبا هفا لك وخفق يريدك , فقد سعى لا لجزائك ولا لعطاياك وإنما لأنه منك ولك وإليك , وإن خرجتُ عن دائرة رعايتك فقد ضعت

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين