لماذا قرر ترامب نقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس الآن...؟

من بين آلاف الكتابات في المواقع والصحف ووسائل التواصل الاجتماعي التي تناولت "وعد ترامب" بإعلان #القدس عاصمة لإسرائيل، يبرز السؤال الأهم في هذه القضية والذي لم تتم الإجابة عليه -من طرفنا على الأقل- والمتعلق بالأسباب الحقيقية لقيام الولايات المتحدة بهذه الخطوة وفي هذا التوقيت بالذات؟

الإجابات المطروحة عن هذا السؤال لغاية الآن تدور حول أحد النقاط التالية:

- أن القرار اتخذ بالدرجة الأساس استناداً إلى اللحظة التاريخية البائسة التي تعيشها المنطقة والمواتية جداً لاتخاذ قرار كهذا حيث تمر المنطقة بحالة من التمزق والضعف تسمح بشكل كبير باتخاذ خطوة كهذه دون ردة فعل (عملية) تذكر.

- أن الأمر متعلق بالدرجة الأساس بالوضع الداخلي للولايات المتحدة وبوضع ترامب نفسه وأن هكذا خطوة من شأنها أن تفيد كثيراً في تجاوز العديد من الإشكالات الداخلية للإدارة الحالية، وأن ترامب يفي بوعد انتخابي قطعه على نفسه عندما يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وليس هناك أي سبب آخر لهذه الخطوة الآن، والوضع الذي تمر به المنطقة إنما شكل ظرفاً مواتياً سهل الشروع بهذه الخطوة، علماً أن القرار كان على قائمة الوعود الانتخابية لترامب ولدى تنفيذه واجه معارضة كبار مستشاري ترامب في مجلس الأمن القومي.

- أن الأمر مخطط له ليحدث في هذا التوقيت منذ سنين وأن كل ما جرى ويجري في المنطقة خلال السنوات الـ ? أو الـ ?? أو منذ احتلال العراق أو منذ حرب الكويت هو مخطط للوصول إلى هذا القرار الذي هو خطوة أساسية في ما يعرف بتسوية القرن أو مشروع الشرق الأوسط الجديد.

- أن الأمر متعلق بالأساس بالوضع الفلسطيني الداخلي وأن القرار هو تحصيل حاصل للتفوق الإسرائيلي والتراجع الفلسطيني والعربي والإسلامي ونزوع الأطراف العربية والإسلامية وفي مقدمتها السعودية وتركيا، للمصالحة مع دولة الاحتلال وليس مواجهتها، وتتضمن هذه الإجابة حالة الانقسام الفلسطيني ووضع السلطة الفلسطينية المضعضع أو المهتريء ومعدلات الهجرة واللجوء الفلسطيني والنزعة للاستقرار والإجراءات التي اتخذتها دولة الاحتلال في القدس والتي ساهمت كثيراً في تطويع المجتمع العربي هناك ليتعامل مع قرارات من هذا النوع بشكل أكثر مناسبة لدولة الاحتلال والانكسار الذي تعيشه حماس بعد قرار تحييد نفسها عن مجريات الربيع العربي والثورة في سوريا، هذه الإجابة تفترض أن كل هذه المعطيات وغيرها هي العامل الأساس في اتخاذ القرار وأن العامل الخارجي والظرف الدولي والإقليمي أو الوضع الداخلي الأمريكي أو الإسرائيلي عوامل ثانوية.

- هناك أيضا الإجابة التي تعتبر أن القرار موجه بالدرجة الأساس نحو #روسيا، وأن هدف #ترامب يتمثل بتحويل الانتباه عن #بوتين الذي تمكن من لفت الأنظار إليه في #الشرق_الأوسط . وأن هذا القرار بالإضافة إلى المنافسة بين ترامب وبوتين، فهو محاولة من الرئيس الأمريكي لاستعادة مكانة المشرف الرئيسي على المنطقة.

- وهناك أيضاً الإجابة التي تتضمن إيران وتعتبر القرار موجهاً بالدرجة الأساس ضد إيران التي تتحضر بحسب الصحف الإسرائيلية لخوض معركة من نوع ما مع دولة الاحتلال إما بمواجهة مباشرة أو من خلال ذراعها الأهم في المنطقة #حزب_الله، حيث سيضفي القرار مزيداً من الشرعية على جولة الاحتلال ويكرس استمرارها وبقائها ويُفقد الطرف المناويء -أياً كان- مشروعية الهجوم أو التدخل في الشأن الفلسطيني.

- وهناك الإجابة التي تدور حول كون ترامب عميل سري للصهيونية والموساد وأنه يقوم بهذه الخطوة بأوامر مباشرة من مدرائه في هذه الأجهزة، وأن القرار الذي أقدم عليه هو امتداد للحرب القديمة بين المسلمين واليهود والصليبيين حول القدس، وتتضمن هذه الإجابة معطىً يتعلق بتاريخ إعلان القرار حيث يوافق هذا التاريخ ذكرى انتصار القائد البريطاني "إدموند ألنبي" على الجيش العثماني ودخوله القدس من بوابة يافا ماشيا على الأقدام، ليقول جملته الشهيرة: "ها قد عدنا يا صلاح الدين".

- هناك الإجابة التي تتحدث عن أن هذا القرار هو ببساطة واحد من قرارات مجنونة كثيرة اتخذها أو سيتخذها ترامب (المجنون)، وأن الأمر سطحي جداً ولا يتعلق بكل الحسابات المعقدة التي يتم طرحها أو سوقها لتبرير أو فهم ملابسات اتخاذ القرار.

- هناك الإجابة المتعلقة بالوضع الداخلي الإسرائيلي وليس الأمريكي، والتي تتضمن فرضية أن حكومة الاحتلال تعيش أزمة من نوع ما وأنها بحاجة إلى إنقاذ وأن القرار الأمريكي جاء بالأساس ليساعد نتنياهو وأعضاء حكومته على الخروج من الأزمة الداخلية التي تعيشها دولة الاحتلال.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين