ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض

قرأت للجاحظ في[ بيانه ]

"قيل لبعض الأعراب: ما وراءك ؟

قال: " خلفت أرضا تظَالَمُ مِعزاها "

أي أن مِعزاها( الحيوانات المعروفة )سمِنت وأشِرت فتظالمت وتضاربت وتناطحت فيما بينها .

وقال :

"وحدثنا أبو زياد الكلابي قال: " بعث قوم رائدًا لهم بعد سنين (قحط) تتابعت عليهم، فلما رجع إليهم قالوا له: ما وراءك ؟ 

قال: " رأيت بقلا يشبع منه الجمل البروك ، وتشكت منه النساء، وهمّ الرجل بأخيه " .

وفى حماسة أبي تمام أن شاعرًا هجا قبيلةً فقال :

إِذا أخصبتم كُنْتُم عدوا ...

وَإِن أجدبتم كُنْتُم عيالا .

وأورد الزمخشري لبعض العرب:

وقد جعل الوسمىّ ينبت بيننا ... وبين بنى رومان نبعا وشوحطا «?»

والمعنى: أنهم كانوا إذا جاء الربيع وبلغت تلك الأشجار يتخذون منها الرماح والقسي، ويتحاربون. فالكلام كناية عن انتشاب الحرب بين القبيلتين .

قلت: وفحوى هذه النقول أن الناس إذا شبعت واغتنت = 

طغت ، وكذلك الحيوانات إذا شبعت = تناطحت وتضاربت !

وهذه المعنى مطروق في الكتاب والسنة ، ومعلوم بالعقل والحس

قال تعالى :

{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}

ومعنى الآية : لو جعل الله جميع الناس في بسطة من الرزق لاختلّ نظام حياتهم ببغي بعضهم على بعض لأن بعض الأغنياء تحدثه نفسه بالبغي لتوفر أسباب العُدوان كما علمت فيجد من المبغي عليه المقاومةَ وهكذا [ التحرير والتنوير]

وقال تعالى :

{كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (?) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى} .

وفي الصحيحين عن عمرو بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ].

قال الحافظ في الفتح: 

[لأن المال مرغوب فيه، فترتاح النفس لطلبه فتمنع منه، فتقع العداوة المقتضية للمقاتلة المفضية إلى الهلاك] .

وقال شيخ الإسلام: 

[النعم الظاهرة من المال 

والانتصار على العدو تبسط هوى النفس فيحصل لها من العدوان والطغيان والظلم والفواحش والإعراض عما يجب عليها لله من حقيقة العبودية والإخلاص له ،والتوكل عليه 

منه ، والإنابة له = ما هو من أعظم الضرر في حقها ] [ جامع المسائل[(???/? ) ]

قلت : وشواهد البغي والظلم والاعتداء على الأفراد والدول المستضعفة كثيرة معلومة متواترة .

فلله الحمد على حكمته ورحمته .

والله المستعان .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين