وسائل التوفيق بين الزوجة والوالدين - وسائل التوفيق بين الزوجة والوالدين

وسائل التوفيق بين الزوجة والوالدين

 إن الزوج قد يحتار في التوفيق بين زوجته ووالديه، إذ قد يبتلى بوجود نفرة بين والديه وزوجته، فقد تكون زوجته قليلة الخوف من الله، محبة للاستئثار بزوجها.
وقد يكون والداه أو احدهما ذا طبيعة حادة، فلا يرضيهما احد من الناس، وربما ألحا على الابن في طلاق زوجته مع إنها لم تقترف ما يوجب ذلك، وربما أوغرا صدره، وأشعراه بان زوجته تتصرف فيه كما تشاء، فصدق ذلك مع انه لم يعطها أكثر من حقها، أو انه قد قصر معها- فما الحل - إذا - في مثل هذه الحال؟
هل يقف الكانسان مكتوف الأيدي فلا يحرك ساكنا؟ هل يعق والديه، ويسيء إليهما، ويسفه رأيهما، ويردهما بعنف وقسوة في سبيل إرضاء زوجته؟ أو يساير والديه في كل ما يقولانه في حق زوجته، ويصدقهما في جميع ما يصدر منهما من إساءة للزوجة مع إنها قد تكون بريئة ووالداه على خطأ؟ لا، ليس الأمر كذلك، وإنما عليه أن يبذل جهده، ويسعى سعيه في سبيل إصلاح ذات البين، ورأب الصدع، وجمع الكلمة.
ما له وما عليه:
إن قوة الشخصية في الإنسان تبدو في القدرة على الموازنة بين الحقوق والواجبات التي قد تتعارض أمام بعض الناس، فتلبس عليه الأمر، وتوقعه في التردد والحيرة. ومن هنا تظهر حكمة الإنسان العاقل في القدرة على أداء حق كل من اصطحاب الحقوق دون أن يلحق جورا بأحد من الآخرين.
ومن عظمة الشريعة إنها جاءت بأحكام توازن بين عوامل متعددة، ودوافع مختلفة، والعاقل الحازم يستطيع- بعد توفيق الله- أن يعطي كل ذي حق حقه، وكثير من الماسي الاجتماعية، والمشكلات الأسرية تقع بسبب الإخلال بهذا التوازن- ومما يعين على تلافي وقوع هذه المشكلة أن يسعى كل طرف من الأطراف في أداء ما له وما عليه.
إرشادات
وفيما يلي إشارات، وإرشادات عابرة تعين على ذلك:
وهذه الإشارات، والإرشادات تخاطب الابن الزوج، وتخاطب زوجته، وتخاطب والديه وخصوصا أمه.
أولا: دور الابن الزوج:
مما يعين الابن الزوج على التوفيق بين والديه وزوجته ما يلي:
أ- مراعاة الوالدين وفهم طبيعتهما: وذلك بالا يقطع البر بعد الزواج، وألا يبدي لزوجته المحبة أمام والديه، خاصة إذا كان والداه أو احدهما ذا طبيعة حادة، لأنه إذا اظهر ذلك أمامهما أوغر صدريهما، وولد لديهما الغيرة خاصة الأم.
كما عليه إن يداري والديه، وان يحرص على إرضائهما، وكسب قلبيهما.
ب- إنصاف الزوجة: وذلك بمعرفة حقها، وبالا يأخذ كل ما يسمع عنها من والديه بالقبول، بل عليه أن يحسن بها الظن، وان يتثبت مما يقال.
ج- اصطناع التودد: فيوصي زوجته- على سبيل المثال- بان تهدي لوالديه، أو يشتري بعض الهدايا ويعطيها زوجته، كي تقدمها للوالدين- خاصة الأم- فذلك مما يرقق القلب، ويستل السخائم، ويجلب المودة، ويكذب سوء الظن.
د- التفاهم مع الزوجة: فيقول لها- مثلا- إن والدي جزء لا يتجزأ مني، وإنني مهما تبلد الحس عندي فلن أعقهما، ولن اقبل أية اهانة لهما، وان حبي لك سيزيد وينمو بصبرك على والدي، ورعايتك لهما. كذلك يذكرها بأنها ستكون إما في يوم من الأيام، وربما تمر بها حالة مشابهة لحالتها مع والديه، فماذا يرضيها أن تعامل به؟ كما يذكرها بان المشاكسة لن تزيد الأمر إلا شدة وضراوة، وان الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه.. وهكذا.
ثانيا: دور زوجة الابن:
أما زوجة الابن فإنها تستطيع أن تقوم بدور كبير في هذا الصدد: ومما يمكنها أن تقوم به أن تؤثر زوجها على نفسها، وان تكرم قرابته، وان تزيد في إكرام والديه، وخاصة أمه، فذلك كله إكرام للزوج، وإحسان إليه. كما إن فيه إيناسا له، وتقوية لرابطة الزوجية، وإطفاء لنيران الفتنة.
وإذا كان الزوج أعظم حقا على المرأة من والديها، وماذا كان مأمورا- شرعا - بحفظ قرابته، تقوية للرابطة الاجتماعية في الأمة، فان الزوجة مأمورة شرعا بان تحفظ أهل ود زوجها من باب أولى، لتقوية الرابطة الزوجية.
ثم إن إكرام الزوجة لوالدي زوجها- وهما في سن والديها- خلق إسلامي أصيل، يدل على نيل النفس، وكرم المحتد.
ولو لم يأتها من ذلك إلا رضا زوجها، أو كسب محبة الأقارب، والسلامة من الشقاق والمنازعات، زيادة على ما سينالها من دعوات مباركات.
كما إن على الزوجة ألا تنسى- منذ البداية- أن هذه المرأة التي تشعر بأنها منافسة لها في زوجها هي أم ذلك الزوج، وانه لا يستطيع مهما تبلد فيه الإحساس أن يتنكر لها، فإنها أمه التي حملته في بطنها تسعة أشهر، وأمدته بالغذاء من لبنها، وأشرقت عليه بعطفها وحنانها، ووقفت نفسها على الاهتمام به حتى صار رجلا سويا.
كما أن هذه المرأة أم لأولادك- أيتها الزوجة - فهي جدتهم، وارتباطهم بها وثيق، فلا يحسن بك أن تعامليها كضرة، لأنها قد تعاملك كضرة، ولكن عامليها كأم تعاملك كابنة، وقد يصدر من الأم بعض الجفاء، وما على الابنة إلا التحمل، والصبر، ابتغاء المثوبة والأجر.
فإذا شاع في المنزل والأسرة أدب الإسلام، وعرف كل فرد ماله وما عليه سارت الأسرة سيرة رضية، وعاشت عيشة هنية.
واعلمي أن زوجك يحب أهله أكثر من اهلك، ولا تلوميه على ذلك، فأنت تحبين اهلك أكثر من أهله، فاحذري أن تطعنيه بازدراء أهله، أو أذيتهم، أو التقصير في حقوقهم، فان ذلك يدعوه إلى النفرة منك، والميل عنك.

من موقع الحزب الإسلامي العراقي.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين