اللامبالاة تغضب الزوجات

لامبالاة الأزواج في مقدمة ماتشتكيه الزوجات، فحين لايكترث الرجل بتلبية حاجات زوجته، أو يؤجلها، فإنه يثير في نفسها ضيقاً وإحباطاً كبيرَيْن.

لاشك في أن غضباً عظيماً يتفجر في قلب الزوجة وهي ترى زوجها جالساً يتلهَّى بهاتفه عن تلبية طلبها منه أن يشتري الخضار اللازمة لإعداد الغداء مثلاً.

وكذلك تجنّ المرأة، أو تكاد، وهي تجد زوجها العاطل عن العمل لايتابع الصحف التي تنشر إعلانات عن حاجة وزارات ومؤسسات وشركات لموظفين وعاملين.

ولعلّها تتابع عنه تلك الصحف، وتنقل إليه ما قرأته من إعلانات، وتعرضها عليه، لكنه يُهمل تقديم أوراقه لطلب العمل في الوظائف المطلوبة.

هذا الاستهتار بما هو واجب على الزوج أن يقوم به قد يسلبه حقه في طاعة زوجته له؛ لأن إهماله القيام بمسؤولياته تجاه زوجته يجعله غير قوَّام عليها.

قال النبي (?): (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيِّته، فالأمير على الناس راع، وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع مسئول عن رعيته) متفق عليه.

ويقول القرطبي في قوله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى? بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" النساء(34): فَهِم العلماء من قوله تعالى: "وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قوَّاماً عليها، وإذا لم يكن قوَّاماً عليها كان لها فسخ العقد لزوال المقصود الذي شُرِع لأجله النكاح، وفيه دلالة واضحة من هذا الوجه على ثبوت فسخ النكاح عند الإعسار بالنفقة والكسوة.

وعليه فإني أرجو من الرجال أن يحملوا مسؤولياتهم بقوة وثبات، فلايَعجَزوا ولايضعفوا، حتى يؤدُّوا ما أوجبه ربهم عليهم، وحتى تقدِّرهم زوجاتهم ويحببنهم ويطعنهم.

وقد يتساءل الأزواج: كيف نتخلص من هذا العجْز وذاك الكسل؟

هذه بعض الوصايا:

أولاً: ملازمة الدعاء الذي علّمنا إياه النبي (?) وفيه الاستعاذة من العَجْز والكسل؛ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دخل رسول الله (?) ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أُمامة، فقال: ياأبا أمامة مالي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال (?): أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله عز وجلّ همّك وقضى عنك دَيْنَك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال (?): (قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غَلَبة الدّيْن وقهر الرجال)، قال أبو أمامة: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجلّ همي وقضى عني دَيْني. صحيح الجامع.

ثانياً: عدم التأجيل، وذلك بالحرص على تلبية الطلبات ، وقضاء حاجات الأسرة فور تلقيها؛ ما لم يكن هناك مانع حقيقي يحول دون ذلك.

وليعلم الزوجان أن تأجيل القيام بالواجبات يزيد عبئها على نفوسنا، ويجعلها أثقل وأثقل كلما أخَّرنا قيامنا بها.

كما أن تأجيل قضاء حاجة ثم مجئ حاجة ثانية بعدها دون قضاء الأولى؛ يؤدي إلى تراكمها وزيادة العجز والكسل عن القيام بها.

ثالثاً: ليضع كلا الزوجين نفسه مكان صاحبه، فكما أنه يريد أن يلبي له صاحبه حاجاته دون تلكؤ أو تأجيل فإن عليه أيضاً أن يلبي حاجات صاحبه دون تأخير أو تلكؤ.

إن كثيراً من شكاوانا يختفي حين نضع أنفسنا مكان الآخرين، فهذا يجعلنا مدركين معاناتهم، ويقينا الكسل والعجز واللامبالاة التي تجعلنا متوانين عن قيامنا بواجباتنا تجاههم.

رابعاً: هذه بعض الأقوال التي يفيد تأملها في التخلص من الإهمال واللامبالاة والتأجيل:

- إن ماتشعر به من ألم وضيق من أجل قيامك بواجبك الآن؛ أقل كثيراً جداً ممّا ستشعر به بعد ذلك إذا لم تقم بهذا الواجب الآن.

- لو فكرت في السعادة التي ستشعر بها بعد قضائك واجباتك لما أجلت القيام بها.

- لاتؤجل عمل اليوم إلى الغد فالغدّ له أعمال أخرى.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين