ليس سفيها من اقتطع جزءا -ولو كبيرا- من ماله ؛ لخدمة دينه ودعوته ، والإحسان إلى أهله وجيرانه وأحبابه، وإلى المعوزين والمساكين .
كما أن:
أبابكر لم يكن سفيها حين أخرج كل ماله في سبيل الله وأبقى لأهله الله ورسوله .
وعمر لم يكن سفيها حين أخرج نصف ماله وأبقى لأهله النصف .
وأباطلحة لم يكن سفيها حين تصدق بأنفس أمواله عنده (بيرحاء ) .
وأبا الدحداح لم يكن سفيها حين باع ستمائة نخلة لله مقابل مثلها في الجنة .
وبقي تلكم النشيد العلوي الذي بشره به رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة ] .
كل هؤلاء -وآلاف نحوهم - لم يكونوا سفهاء بل كانوا أعقل العقلاء .
والآن قد فنيت تلك الأموال وبقي ثواب الأعمال وما أعظمه من ثواب .
ذهبت مرارتها وبقيت لذتها وأي لذة
إنها لذة الجنة .
وليس سفيها من اقتطع بعض وقته أو جله في سبيل تعلم العلم ،أو تعليمه، أو الدعوة إلى الله، والسعي في سبيله عز وجل .
كما أن:
مصعب بن عمير لم يكن سفيها حين آثر الإسلام والهجرة إلى المدينة للدعوة إلى الله سبحانه مع الفقر والحاجة على ثراء إمه وغناها والرفاهية التي كان يعيشها في مكة .
ومات مصعب ولم يجدوا ما يكفنوه به لفقره !
وجابر لم يكن سفيها حين هاجر مسيرة شهر إلى عبدالله بن أنيس في طلب حديث واحد .
وأبا أيوب لم يكن سفيها حين سافر إلى مصر يطلب حديثا واحدا كذلك .
بل كانوا جميعا أعقل العقلاء
ذهبت أبدانهم وبقيت أرواحهم منعمة عند ربهم ،ويوم القيامة يتم لهم أجرهم، ويرون ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
إنما السفيه حقاً :
من عاش لنفسه فقط ، لتحصيل شهواته، ونفع نفسه ، وبناء مجده ؛
حتى ولو كان سعيه مباحا إلا أنه خسر كثيرا حين لم يبذل من ماله وجهده ووقته وعمره في سبيل دينه ودعوته.
من عاش لنفسه= عاش صغيرا ومات صغيرا وبعث صغيرا .
ومن عاش لدينه = عاش عظيما ومات عظيما وبعث عظيما
والله المستعان
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول