حين ترى .. تقول : ياليتَ بيني وبينك ، بُعدَ المشرقَـين !

 

1) حين ترى صانع القرار في بلدك ، المسؤول عن البلاد والعباد في وطنك .. تاجراً من النوع الرخيص ، يتاجر بالكلمات والشعارات ، ويناور، ويكذب ، ويغشّ ، ويخدع، ويمارس أنواعاً من البطولة الزائفة ، على أبناء شعبه ، ويخاف من صفير طائر، يحلّق ، بالقرب من قصره .. ويسمسر بدماء الأبرياء ، من أبناء الدول المجاورة ، ليبني لنفسه أمجاداً مزيّفة ، ويصنع بطولات وهمية ؛ بينما أرض بلاده محتلّة من قبل عدوّه ، ولا يجرؤ ، حتى على التفكير في استردادها ، مع أن أباه الذي ورّثه الكرسي ، هو الذي سلّمها للعدوّ .. حين ترى أمامك حاكماً من هذا الطراز، يتربّع على كرسي الحكم في بلادك ، ويَعدّ البلاد ، مزرعة له ، وأبناءها ، عبيداً له ..لا تملك إلاّ أن تقلّب كفّيك ، وتقول بألم وحنق ومرارة : يا ليت بيني وبينك بُعد المشرقين !

2) وحين ترى شريكاً لك في المصير، وأخاً في المبدأ ، ورفيقاً في الدرب ، وهو مواطن في دولة غير دولتك ، يمجّد هذا الحاكم ، ويبارك مجازره ضدّ شعبه ، وجبنه تجاه عدوّه ، لمجرد رفعه الشعارات الخادعة ..! تهزّ رأسك في أسف وحزن ، وتقول في حسرة : يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين ..!

3) وحين ترى شريكاً لك ، في المعاناة والألم ، والقرار والهدف والحلم .. يَستمرئ أكل لحمك ، ويتلذّذ بنهش سمعتك وكرامتك ، تحوقل وتقول : يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين !

4) وحين ترى إنساناً يعَدّ بطانة لك ، وتعَدّ بطانة له ، وتشترك معه في صنع الرأي والقرار والموقف .. ينسى العدو المشترك ، والخصم المشترك ، ويجرّب مواهبه في التذاكي والتداهي عليك ، قبل غيرك ..! تبلع جرعة من المرارة التي في حلقك ، وتقول: يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين ..!

5) وحين ترى مخلوقاً فرِضتْ عليك صحبته ، أو عشرته ، وهو من النوع الذي قال عنه الشاعر : أقولُ له زيد ، فيَحسَب خالداً ويقرؤها عَمرواً ، ويكتبها بَكرا

لابدّ أن تحِسّ بعِظَم البلاء ، وتقول : يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين ..!

6) وحين ترى شخصاً بينك وبينه صلة ما ، يسقِط نفسه خُلقياً ، في سبيل إسقاط أحد خصومه سياسياً ، في معركة سياسية عابرة هزيلة .. ستجد نفسك مضطراً ، لأن تقول بينك وبين نفسك- إذا منعك الحرج والإشفاق، من أن تقول لهذا الساقط البائس، علناً-: ياليت بيني وبينك بعد المشرقين !

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين