حاجة الدعاة إلى الإعلام

 

 

 

الإعلام والاتصال والتواصل عوامل هامة من العوامل التي تقوم عليها حياة الناس قديمًا وحديثًا، وكل فرد منا يمارس الإعلام والتواصل بطريقة أو بأخرى، عبر وسائل أصبحت تستهلك أوقاتنا من الصباح حتى المساء، ولقد أصبحت ضرورة لا يستغني عنها مجتمع من المجتمعات البشرية.

هذه الضرورة في غاية الأهمية بالنسبة لدعاتنا، فالداعية إذا أراد النجاح في إيصال دعوته للناس فهو يحتاج إلى أن يعدد قنوات اتصاله معهم، ولقد تعددت قنوات التواصل في عصرنا ما بين برامج دعوية امتلأت بها القنوات الفضائية والإذاعات، كما شملت الكتاب، والمجلة، والجريدة، والمدونات، والمواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى القنوات التقليدية كالخطابة، والمحاضرة، والدرس، والندوة، والمؤتمر....

وترجع أهمية عملية اتصال الدعاة بالجماهير عبر وسائل الإعلام إلى المقدرة على المشاركة، والتفاعل مع الآخرين، وتبادل الآراء، والأفكار، والمعلومات والظهور الإعلامي القوي والمقنع، في حين أن عدم المقدرة على الاتصال مع الغير والتفاعل معه مع الأخطاء الشائعة يعد نقصًا اجتماعيًا خطيرًا في عصر التواصل والإعلام.

لذلك نجد كثيرًا من الدعاة يتحرجون من الظهور على الفضائيات لعدم امتلاكهم المقدرة على الأداء الإعلامي الذي يليق بهم، وهذا يحتاج إلى صقل وتدريب وتمرين طويل على لغة إعلامية بسيطة تتوافق مع لغة الجسد وتطورات العصر.

وهنا نلاحظ استفادة دعاة الخليج والمصريين من الإعلام في مخاطبة الجماهير ومحاولة التأثير عليهم وإقناعهم واستمالتهم، بينما غاب علماء سورية عن الإعلام والظهور الإعلامي لأسباب عديدة أهمها عدم تبني الكثير منهم من قبل الفضائيات مع ندرة هذه الفضائيات في بلدنا.

وكان من المفترض أن ينتبه العاملون في حقل الدعوة إلى الله تعالى إلى الاستثمار الدعوي عبر الفضائيات ووسائل التواصل، فهذا الاستثمار أصدق وأسرع في التعبير عما يجول في نفس المدعو من خواطر وأفكار يريد إيصالها إلى المدعوين.

إن دراسة الدعاة لأساليب الدعوة الإعلامية عبر تعلم لغة الجسد وفن الإقناع والظهور الإعلامي المتميز وقراءة سيكولوجيا الجماهير التي غابت عن مقررات كليات الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعاتنا، هو بمثابة المفتاح الرئيس للوصل إلى المدعوين لتبليغهم رسالة الإسلام بالطرق والأساليب الحديثة.

وتعد البرامج الحوارية الشبابية التي تركز على الوعي الديني والسياسي من أهم البرامج التي ينبغي للدعاة الاهتمام بها وذلك لأن الحوار أصبح بابًا أساسيًا في كثير من وسائل الإعلام على اختلاف توجهاتها وسياساتها، ذلك أن الحوار الهادف ينتج فكرًا إبداعيًا، وينقب عن مكامن النفس والعقل بالسؤال والمراجعة، ويستخرج من النفس أشياءَ لم تكن لتخرج تلقائيًا دون تحريك بالسؤال أو المحاورة.

ولا نُغِفل كذلك دور المرأة المسلمة الداعية التي تخدم دينها من خلال وسائل الإعلام، فعليها أن تهتم بالعمل في المجال الإعلامي الدعوي، والتخصص به، بهدف خدمة الدين، ودفع الشبهات عن المرأة المسلمة في شتى مجالات الإعلام، فهو باب من أبواب الدعوة إلى الله ?، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وللأسف أصبحت هذه المجالات في عصرنا الحالي في أيدي أعداء الإسلام من حملة الأفكار الهادمة للمجتمع المسلم، الذين اتخذوا من المرأة سلعة تباع وتشترى بصورة منافية للأخلاق والدين، فلا بد من وجود نساء، إعلاميات، متخصصات، ملتزمات بتعاليم الإسلام، يدافعن عنه وينشرن الدعوة الإسلامية بصدق وإخلاص .

لذلك أوصي الإخوة القائمين على المؤسسات الدعوية والجامعات الإسلامية والفضائيات الهادفة بالآتي:

1- تدريس مواد الإعلام الإسلامي وفن الإقناع وسيكولوجيا الجماهير في الجامعات والمعاهد. 

2- على الدعاة في الفضائيات الخروج عن الأنماط التقليدية والجمود، والعمل على التفاعل مع الجمهور بطرق متعددة فالخطاب الجامد المباشر لم يجد نفعاً ولا قبولاً عند شرائح كبيرة من شبابنا.

3- تأهيل فريق متكامل من الإعلاميين والشرعيين، مع حسن انتقائهم واختيارهم بناء على معرفة كافية بالموازين الشرعية، وتفريغهم للقيام بواجب الدعوة إلى الله من خلال الوسائل الإعلامية المعاصرة، والعمل على الارتقاء بهم علميًا، ودعويًا، وإعلاميًا.

4- العمل على إعداد برامج تلفزيونية جماهيرية تفاعلية حوارية.

5- تشجيع المرأة على الانخراط في مجال العمل الإعلامي، والتخصص فيه لممارسة عملها في الدعوة إلى الله، دون الخروج عن أحكام الشريعة.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين