في ذكرى المولد-1- رسالة إلى المانعين ورسالة إلى المجيزين

رسالة إلى المانعين

ورسالة إلى المجيزين

كثر في عصورنا الإفراط والتفريط

فالمانعون يتشددون في هذا ويرون أن أصل الاحتفال بدعة

مع أن علماء كبارًا من علماء الأمة وفي عصور متتالية

رأوا الاحتفال جائزًا (أي أصل الاجتماع للاحتفال) دون ما يضاف إليه من أشياءَ وملابسات يختلف حكم كل منها.

ومنهم الإمام الكبير أبو شامة، وإمام المحدثين الحافظ ابن حجر، والسخاوي، والسيوطي، وغيرهم.

فهذه نصائح للمانعين: 

1- لو أنهم يوردون المسالة على أنها خلافية وأن فيها قولين، ثم يرجحون عدم صحتها بأدلتهم، دون الطعن بمن أجاز أصل الاجتماع، ودون وصف أدلة من أجاز بانها أوهام وشُبه وتلبيسات،

فلا يجوز للعالم أن يتعصب لرأيه ويرى كلام بعض كبار أهل العلم أنها شبه وتلبيسات!

2- لو أنهم بدلَ محاربتهم للمسألة، يوردون الخلاف،

ثم يوجّهون الناس أنكم إذا أردتم الاجتماع فليكن على قراءة كتب السيرة وكتب العلم،

فإذا كان الاجتماع لطلاب العلم، فليقرؤوا في مجالسَ متعددة سيرة ابن هشام، قراءة حدر، ويتصل بذلك سندهم بمؤلفها،

أو قراءة الشمائل المحمدية للترمذي، أو غيرها من الكتب العلمية. 

أو يُلقوا محاضرات علمية عن أخلاق النبي وشمائله العظيمة، ولا سيما عفة لسانه،

عفة لسانه مع زوجاته

عفة لسانه مع أولاده وأسباطه

عفة لسانه مع خدمه

عفة لسانه مع المؤمنين العصاة

عفة لسانه في مناظراته مع المشركين والكافرين.

3- أن ينبهوا الناس والعامة الى أن مثل هذه الاجتماعات ليست عبادة بأصلها، ولا طلبها الشرع، وإنما هي عادة مستحدثة، ويؤجر عليها المرء إن قضى الوقت في عبادة وصلاة على النبي وقراءة كتب العلم.

رسالة إلى المجيزين

ويتوجه إليهم بعض الكلام المتقدم،

من الدعوة إلى أن يكون الاجتماع للعلم والعبادة، وليس للإنشاد والتغبير وما يلحقه!

أفلا يتحقق الاحتفال والفرح إلا بهذه الطريقة!! 

لماذا لا نجتمع على قراءة كتب علمية مفيدة فيها سيرة النبي وأصحابه الكرام؟

ونسمع المحاضرات العلمية عن أخلاقه العظيمة وعفة لسانه صلى الله عليه وسلم كما تقدم…

ولقد حدثني أخي الأستاذ يوسف الهنداوي (رحمه الله تعالى حيًّا وميتًا)، أن أستاذه الفقيه العلامة محمد خليل الكرمي الكردي الحلبي رحمه الله تعالى كان إذا اجتمعوا في ذكرى المولد يفتح لهم حاشية ابن عابدين فيقرأ عليهم فصلًا في تحريم الغناء، ثم يقرؤون كتاب الشمائل المحمدية للترمذي (مع العلم أن الشيخ محمد خليل صوفي معروف).

ومما يَلفت النظر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين، ويقول: (ذاك يوم ولدت فيه)،

ولي تعليقان على احتفاء النبي صلى الله عليه وسلم بيوم مولده، وصيامه شكرًا لله،

الأول: أن النبي كان يحتفل (إن سميناه احتفالًا تجوّزًا) أسبوعيًّا، أي أكثر من خمسين مرة في العام!

ثانيًا: مقتضى احتفائه بيوم الاثنين، أنه لم يكن يُعِير اهتمامًا ليوم الذكرى السنوي، 

فلو فرضنا أنه ولد يوم الاثنين في التاسع من ربيع،

فاحتفاء النبي المتتابع بيوم الاثنين يعني أنه لم يحتفِ بالتاسع من ربيع من الأعوام اللاحقة، فلن يتفق يوم التاسع من ربيع أن يكون يوم الاثنين، إلا مصادفة كل عدة سنوات! 

وقل نفس الشيء إذا فرضنا ولادته في 2 ربيع، أو 12 ربيع.

وختامًا

نرجو أن يجمع الله شمل الأمة، ويوحد قلوبها وقلوب علمائها، ويرزقنا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، ويخلّقنا بأخلاقه الطيبة، ويوسع صدورنا، ويرزقنا البسمة مع محاورينا.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين