ذكر جميل لأيام في القدس والخليل (20)

مقام يونس عليه السلام:

صلينا الفجر في المسجد الأقصى، واغتدينا، والطير في وكناتها، إلى قرية حلحول في محافظة الخليل في شوارع مقفرة لا ترى بها ركابا ولا مشاة، ووصلنا إليها في الساعة السادسة والنصف، وزرنا بها مسجد يونس عليه السلام ومقاما فيه ينسب إليه، ولا دليل على صحة هذه النسبة، ويزعمون أن مسجدا قديما بني على قبره، ومنارة بناها الملك الأيوبي عيسى ابن شقيق صلاح الدين سنة 1226م، ولم يبق من المسجد القديم والمنارة، إلا القليل، بعد أن صار قسم منه جزءا من المسجد الكبير الحديث.

وفي المسجد مصلى للنساء ومصلى للرجال، وكان مصلى الرجال فارغا، وفي مصلى النساء عدد من النساء، ولقينا فيه عجوزا تدعو الله باكية ومتضرعة إليه فسألناها عن قصتها فأخبرتنا بأن ولدها مزجوج في سجن الدولة الطارئة من دون جريمة ارتكبها أو ذنب اقترفه، وهي تستغيث بالله فلا ناصر لها ولا معين، ونشدتنا أن ندعو الله لفك أساره، وإزالة كربتها وهمها.

تقع حلحول على الهضبة الفلسطينية الوسطى، في الضفة الغربية، تشتهر بزراعة، وتبعد عن مدينة الخليل بخمسة كلومترات، وعن مدينة القدس بثلاثين كلومترا، وفيها مدرسة يرجع تاريخها إلى العهد العثماني، ويذكرون من أسباب تسميتها بحلحول أن يونس عليه السلام لما قذفه الحوت على شاطئ البحر حل على جبال هذه القرية حولاً كاملاً حتى شفي تماماً ثم سافر إلى بلده، فقيل: "حَلَّ حَوْل" ثم جمعت الكلمتان فصارت حلحول. أو أن حلحول تعني الرجل العملاق، أي أن حلحول بلد العمالقة. أو أن حلحول تعني البلدة التي تكثر فيها المزروعات والخضرة.

مقام لوط عليه السلام:

ثم ركبنا السيارة إلى قرية بني نعيم مارين ببئر شبع، وزرنا في بني نعيم مقام لوط عليه السلام، مكتوب على المقام: بسم الله الرحمن الرحيم، جدد عمارة مقام نبي الله لوط عليه السلام مولانا السلطان الملك الظاهر برقوق خلد الله ملكه، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

وتتبع قرية بني نعيم أيضًا محافظة الخليل، تقع إلى جهة الشرق من الخليل على بعد 7 كم تقريباً، عرفت في العهد الروماني باسم قرية كفار بروشا، وبعد الفتح العربي الإسلامي عرفت باسم كفر بريك، ولما نزل النعيمات من عرب الحناجرة جنوبي فلسطين واستقرت طائفة منها في ناحية كفر بريك نسبت القرية إليهم، فيها أكثر من ثمانية عشر مسجداً، أهمها المسجد الذي ينسب إلى لوط عليه السلام، ومن الآثار التي ما زالت قائمة في البلدة بقايا سور عال مربع الشكل على زواياه أبراج، لعله من العهد الروماني.

تفسير للسور العشر الأخيرة:

وانقلبنا إلى القدس قبل الظهر عارجين على قبة الصخرة، حيث قمت بتفسير السور العشر الأخيرة من كتاب الله عز وجل، وسجل زيد هذا التفسير لينشره بين الطلاب والراغبين في فهم معاني القرآن الكريم ورسالته، فجزاه الله تعالى خيرا، وتقبله الله مني ووفقني لعبادته وتعليم دينه والدعوة إليه مخلصا له، وجعلني من المتقين.

رجوع إلى المملكة المتحدة:

وصلينا الظهر والعصر في المسجد الأقصى مودعين إياه وناوين أن تتلو زيارتنا هذه زيارات في خير وعافية وصلاح ودين، وقصدنا الفندق، وتغدينا فيه وجهزنا أغراضنا، وخرجنا للمطار، وعدنا إلى المملكة المتحدة سالمين غانمين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم إلى يوم الدين.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين