نظرات في القاعدة التكفيرية الثانية: كفر من تحالف مع المشركين أو ناصرهم على إخوانه المؤمنين -4-

 

هذه بعض البحوث المنتقاة من كتاب فضيلة الشيخ محمد أمين محمد الحامد " الميزان" الذي ناقش فيه بعض نواقض الإيمان في كتابه الذي نشرناه كاملا على موقع رابطة العلماء السوريين. وهذا رابطه:

http://islamsyria.com/site/show_library/1031%20

وننشر مناقشته لبعض هذه النواقض في حلقات متسلسلة ليتمكن القراء من الاطلاع عليها والاستفادة منها.

خيار العرب المشركين إما الإسلام أو القتل :

إن من أكبر الأخطاء عند هؤلاء المتطرفين ، هو أخذ النصوص الشرعية التي ورد فيها الأمر بقتال المشركين ، وجعلها أحكاماً عامة تشمل قتال الناس أجمعين ، فهذا لا يصح لسببين :

أحدهما : أن الأمر بقتال الناس أجمعين قد توقف لأنه قد تقيد بآية الجزية ، أي إن هذا القتال سيتوقف عندما يعطوا الجزية ، ومع أن آية الجزية كانت خاصة باليهود والنصارى إلا أن الصحابة عمموها على جميع الملل والنحل .

لأن آية الجزية ذكرت أوصافاً لأهل الكتاب ، يشترك فيها معهم جميع الأديان الباطلة ، وهي أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إيماناً صحيحاً ، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله كما هو واضح ، ولا يدينون دين الحق ، لأن دينهم مليء بالأباطيل والأغاليط ، فإذا كان لابد من وجود غرض من ذكر هذه الأوصاف في هذا المكان ، حتى لا يكون ذكرها عبثاً لا فائدة منه ، فإن هذا الغرض لن يكون - والله أعلم - إلا إشارة إلى وضع مبدأ عام ، يشمل جميع الأديان التي تتشابه معهم في هذا الضلال ، أي إذا جاز هذا الحكم على اليهود والنصارى وهم أحسن حالاً من غيرهم ، لوجود الإيمان عندهم بالنبوات وظهور أعداد كثيرة من الأنبياء فيهم ، الذين حدثوهم عن الوحي وما فيه من ثقافة دينية ، والقصص الكثيرة عن العقوبات الإلهية للمنحرفين وأحاديث كثيرة عن الدار الآخرة وما فيها من أهوال . ومع ذلك فقد ظهر عندهم كل هذه الأباطيل وتلك الانحرافات المؤسفة ، فمن المفروض أن يكون جائزاً عند غيرهم من باب أولى ، او للتماثل.

والأمر الثاني الذي يقيد تلك النصوص : هو أنها صرحت في غالبيتها بلفظ المشركين ، وهذا اللفظ من المفروض أن يبقى على ظاهره ، أي إن المقصود من ذلك ما هم إلا مشركوا العرب خاصة ، لأن آية الجزية بالمفهوم الجديد أصبحت استثناء للكافرين في جميع أنحاء الأرض ، فلم يبق لهذه الآيات التي صرحت بلفظ المشركين ، من شيء تشمله إلا مشركي العرب ، ومعلوم أن أكثر الآيات صراحة في هذا الأمر الشامل بقتال عموم المشركين هي ما ورد في سورة براءة ، وهذه الآيات قد صرحت غالبيتها بلفظ المشركين .

فأول السورة تقول :" براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين "

والآية التي بعدها : " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم "

والآية التي بعدها :" وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة "

فلم يبق بعد ذلك إلا آية الذين يلونكم من الكفار وهي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) سورة التوبة آية 123، فمن المفروض أيضاً أن يفسر الذين يلونهم من الكفار ، بمشركي العرب فقط ، لأنهم هم الذين يلونهم على الحقيقة ، أي هم هؤلاء المشركون العرب الذين يتصلون بكم اتصالاً تتحقق فيه التولية بمعناها الحرفي ، أما تفسيرها على العالمين فهذا يحتاج إلى دليل آخر، لأنه تكليف فيه من المشقة ما قد يجعله تكليفاً بما لا طاقة لنا به .

ومن المفروض أن يفسر الحديث الذي يقول : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم منى ماله ونفسه ، إلا بحقه وحسابه على الله ، هذا لفظ البخاري برقم 7285 ص 295 من كتاب فتح الباري . فمن المفروض أن يفسر لفظ : الناس في هذا الحديث بالعرب المشركين فقط ، بناء على أن الآيات السابقة قد حصل فيها تخصيص بذلك ، فيكون تخصيص هذا الحديث هو من باب أولى ، ولا داعي لإعادة الشرح .

تعليق على آية الجزية :

قيد الجمهور هذا الأمر بالقتال في هذه الآية بالاستطاعة ، وهذا هو الحق لأن جميع التكاليف الشرعية مقيدة بها، قال تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ? لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) سورة البقرة آية 286.

وهذا يعني أنه لا يجوز على رأي الجمهور أن يبدأ المسلمون معركة مع عدوهم ، إلا بعد أخذ كامل الاستعداد والحصول على غلبة الظن بالفوز فيها ، لأن فتح جبهات القتال من غير استعداد قد يؤدي إلى شر مستطير، وقد يؤدي إلى ضياع أوطان وبلاد كثيرة عندما يعجز المسلمون عن إيقاف المعركة.

ولذلك لا بد من التفريق بين إنشاء حرب هجومية وأخرى دفاعية ، فالأولى لا تكون إلا اختيارية ، اما الثانية فلا تكون إلا اضطرارية ، وهذا هو الفرق بين ما يعرف بجهاد الطلب وجهاد الدفع.

أما الأولى فلا يجوز البدء بها إلا عند القدرة ، ومع غلبة الظن بالحصول على الغلبة فيها.

أما التعليق على آية الجزية فسيكون حديثاً عن أسرارها ، وهو حديث عن اثنين فقط ، أحدهما سر ذائع يعرفه الجميع والثاني سر غير ذائع وقد لا يعرفه أحد ، لأنه اجتهاد لما جدَّ في هذا العصر من معطيات ، وسيكون البدء بالسر الأول.

السر الذي يعرفه الجميع بهذه الآية :

هذه الآية لا يمكن فهمها على ظاهرها من غير تأويل ، لأنها لا تعني تكليفاً للأفراد ، أي في إيجاب هذا القتال على كل فرد بالقيام به بمفرده ، عند لقائه مع أي فرد من أهل الكتاب ، بأن يكون الواجب عليه أن يخيره بين الإسلام أو الجزية أو القتال .

وهذا يعني أن الأمر هنا في قوله تعالى : قاتلوا ... لا يشبه الأمر الإلهي في أقيموا الصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج ، فمثلاً قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) سورة البقرة آية 43، فالأمر هنا يشمل كل فرد قادر على تنفيذ ذلك الأمر بشكل مباشر.

أما الأمر هنا في آية الجزية هذه في قوله تعالى: قاتلوا .... فإنها لا تعني الأفراد ، أي تكليف كل فرد على حدة ، ولذلك لا بد من تأويلها من وجهين وهما : أنها تعني الجماعة أي الدولة ، وفي قتال جماعي أيضاً ، أي ضد دولة من أهل الكتاب . فهاهنا تأويلان أساسيان ، إحداهما : يتعلق بالأمر بالقتال ، وهو جماعي لا فردي . والثاني : أن العدو الذي يكون القتال ضده ، يجب أن يكون دولة لأهل الكتاب وليس أفراداً منهم .

وهكذا فقد أصبح المقصود هنا هو الأمر بقتال الحكومات والسلطات الطاغوتية التي تمنع الناس من الدخول في الإسلام . فهذا هو المعنى الحقيقي المراد هنا ، وهو أن هذا الأمر ليس فردياً ، وهذا المعنى متفق عليه عند المفسرين . وهذا هو السر الأول وهو سر يعرفه الجميع ، وقد صحَّ أن يسمى سراً لأنه جاء على خلاف المعنى الظاهر من لفظ هذه الآية .

وهناك شرط آخر لا بد من استيفائه قبل المباشرة بهذا القتال ، وهو عرض الإسلام عليهم أي ثم رفضهم للدخول في الإسلام ، فهذا الشرط هو الهدف الأصلى حتى تصح مشروعية هذا القتال ، ولا يجوز البدء بالقتال إلا عند رفضه ، وهذا يعني أن قبول هذا الشرط ورفضه هو الذي يحرك عجلة القتال أو يوقفها ، ومع أن هذا الشرط الابتدائي غير مذكور في هذه الآية ، إلا أن وجوده مع رفضه هو الأساس الذي يقوم عليه هذا الأمر بالقتال ، وبدون ذلك لا يصح تطبيق هذه الآية ابداً.

المشروعية في إعتاق الناس وإعطائهم حريتهم :

لكن لو تساءلنا عن مشروعية هذا القتال ، أي عن المبرر الشرعي الذي يبيح لنا الابتداء في محاربة الناس وقتالهم ، فهل يمكن أن يكون هذا الدافع هو فقط من أجل السيطرة على البلاد الأخرى وكسب المغانم الكثيرة ؟

إن هذا الدافع لا يمكن أن يكون هو السبب ، لأن الجهاد في الإسلام يفسد إذا نوى المجاهد أن يقاتل من أجل الغنيمة .

ولذلك فعندما نتوسع أكثر في هذا ، فإننا سنجد أن الوصول إلى أخذ الجزية ، هو كذلك لا يمكن أن يكون غاية حقيقية لمشروعية هذا القتال ، مع أن هذه الجزية مذكورة في هذه الآية بحسب ما هو ظاهر من لفظها ، على أنها هي الغاية التي إذا وصلنا إليها توقف القتال .

إن النظرة إلى هذه الآية بهذا الشكل هو سقم في التفكير ، وهو مجافاة واسعة للغرض الحقيقي لمشروعية هذا الجهاد ، بل هو غفلة عن الخيار الأول من تلك الخيارات الثلاثة وهي (الإسلام أو الجزية أو القتال) ، ومما لا شك فيه أن الخيار الأول – أي الإسلام - هو أهمها ، وهو الذي يوقف جميع العمليات الأخرى عندما نصل إليه.

وصحيح أننا لن نصل إليه في غالب الأحيان ، بسبب وجود كثير من المعطيات البشرية التي تتحكم دائماً بالأمم والشعوب ، من الاعتزاز بالعصبية والاغترار بالقوة ، والتمسك بما يعتقد أنه من المقدسات والتقاليد الموروثة والأمجاد التاريخية العظيمة ، التي ستضيع كلها هباء إذا دخلوا في هذا الدين الجديد ، بحسب ما يعتقده الناس من ظنون خاطئة لا أساس لها من الصحة ، لكنها ظنون سائدة وقوية ومتحكمة في عقول جميع الناس ، مما يجعلها تدفع الجميع إلى رفض هذا الدين الجديد ، وتفضيل اختيار الحرب عليه مهما كلفها من جهد وتضحيات .

وهكذا تنشأ الحروب ويصبح مبدأ القتال -مع الأسف- هو القاعدة المتحكمة في هذه العلاقات الدولية. لكن الواقع شيء والعقيدة شيء آخر .

فالعقيدة عندنا أننا لا نقاتل من أجل الغنيمة ولا من أجل استعباد الشعوب المغلوبة ، إننا نقاتل في سبيل الله ، أي من أجل الحصول على الرضا الإلهي ، ونحن نعلم أن هذا الرضا الإلهي لا يتحقق، إلا عندما يدخل الناس في هذا الدين عن قناعة واختيار . فالإسلام في الظاهر هو دين عربي لكنه في الحقيقة الأصلية هو دين للناس أجمعين قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَ?كِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) سورة سبأ آية 28.

الأمر الاضطراري والأمر الأصلي :

فالأمر بالقتال في هذه الآية هو الحالة الاضطرارية ، التي توصل إلى الحالة الأصلية الثابتة ، وهي فتح أبواب الدعوة إلى دين الله تعالى ، فهو أمر لابد منه من أجل الولوج من بابه إلى ميدان الدعوة الفسيح للاستقرار فيه ولمباشرته بشكل دائم ، ولذلك فإن الأمر بالقتال في هذه الآية هو أمر عابر مؤقت ، أما الحقيقة المقصودة منه ومن جميع ما فيه من تضحيات ومشقات ، فهو تحريك مراكب الدعوة إلى دين الله ونشر هداية السماء في الأرض ، وإعطاء الناس الحرية الحقيقية ، في ممارسة حقهم في اعتناق هذا الدين ، والتخلص من العناء الفكري بكل ما فيه من أغاليط وأسقام ، ليختار الناس ما يسعدهم في الدنيا والآخرة.

ولذلك فإن هذا القتال ما هو إلا مرحلة اضطرارية ، للعبور منه إلى ما وراءه للوصول إلى تلك الغايات النبيلة السامية ، التي لا يمكن أن نصل إليها إلا بمحاربة تلك السلطات الطاغوتية ، وإزاحتها بالقوة حتى يتم تدمير تلك الحواجز الصلبة ، التي يعتبر بقاؤها مانعاً حقيقياً من الوصول إلى الهداية والسعادة والطمأنينة والرضا .

أما السر الثاني الذي لا يعرفه الجميع :

فبعد أن تقرر أن هذا القتال ليس مقصوداً لذاته ، وأنه ليس قتالاً للناس بل إنما هو للسلطات الطاغوتية ، وأنه ليس له هدف إلا خدمة الدعوة ، وهذا يعني أن تغيير صياغة هذه القضية ، وخصوصاً إذا سمحت تلك الحكومات أو السلطات من دول أهل الكتاب ، للدعوة أن تنطلق بحرية في بلادها ، وأقرت حرية الأديان ، ولم تمنع أحد من رعاياها من اعتناق الإسلام ، وهذا هو الأمر الواقع في هذه الأيام ، رغم أنه كان فيما مضى يدخل في باب الأوهام والافتراضات الخيالية التي لم يتحقق تاريخياً أي شيء منها ، إلا في حالات نادرة.

لكننا قد نحتاج إليه في هذه الأيام ، وخصوصاً بعد أن أقرّت جميع الدول العالمية بحرية الاعتقاد ، وجعلت ذلك جزءا أساسياً من دساتيرها التشريعية ، وسمحت بحرية الدعوة ولجميع المسلمين أو لمن شاء منهم ، أن يسكنوا في ديارهم ، وأعطتهم حرية كاملة في ممارسة شعائر دينهم بحسب معتقداتهم ، وهي حرية قد لا يتمتع بها كثير منهم في بلادهم الأصلية .

ولذلك فإن هذا الموضوع بهذا الشكل يوجب علينا التوقف عن أمرين ، أحدهما : قتال الطلب أي أن نبدأهم بقتال حتى لو كنا قادرين على سحقهم ، لأنه لم يعد لهذا القتال مشروعية تبرره إلا حب السيطرة أو المغانم ، وهذا لا يصح أن يكون هدفاً شرعياً ، بعد أن ثبت لنا أن السبب الحقيقي لمشروعية الجهاد ، إنما هو من أجل انطلاق مراكب الدعوة.

والثاني : وهو أهم من الأمر الأول ، وهو إعفاؤنا شرعاً من واجب المطالبة لهم بدفع الجزية لنا عند ذلك ، لأن أخذ الجزية مرتبط بالأمر بالقتال ، فإذا توقف هذا القتال سقطت فريضة الجزية تلقائياً عن هؤلاء الأقوام ، لتوقف الأمر بقتالهم ، لأنها إنما كانت سبباً في إنهائه لا في إنشائه ، وهنا يكون الكلام قد تم به الكشف عن السر الثاني .

إن الأخذ بهذا الرأي في هذا الزمن هو ما تقتضيه الضرورة والحكمة ، وفيه تحقيق مصلحة عظيمة للإسلام والمسلمين، فكيف يصح لبعض هؤلاء السفهاء من المتطرفين ، أن يرفعوا أصواتهم بأنهم سيحاربون دولة كذا وكذا ، وسيفرضون الجزية على دولة كذا وكذا من الدول العظمى في هذا العصر ، وهم لا يملكون أماناً لأنفسهم ولا قدرة على البقاء إلا بمساعدات خارجية .

الجزية تؤخذ عند القدرة وترد عند العجز:

لا بد هنا من بيان أن الأمر بالقتال في آية الجزية هذه ، إنما يكون بعد رفضهم الدخول في الإسلام وفي دفع الجزية ، أما إذا قبلوا بدفع الجزية والنزول تحت حكم الإسلام أخذنا منهم الجزية مقابل الدفاع عنهم وحمايتهم وإقامة العدل فيهم وفيما بينهم ، ولا يكلفون بأي واجب ولا أي خدمة لنا ، وتسقط هذه الجزية إذا شاركونا في القتال أو الدفاع عن بلادهم ، وهذا يعني أننا إذا عجزنا عن الدفاع عنهم، رددنا الجزية لهم إذا كنا قد أخذناها منهم ، وهذا ما فعله الصحابة رضوان الله عليهم مع أهل الشام .

فقد فتح المسلمون بلاد الشام ووصلوا إلى حمص وأخذوا الجزية من جميع المدن الشامية من حمص إلى دمشق وغيرها ، لكنهم عندما سمعوا بحشود هرقل العظيمة التي لا طاقة لهم بها ، والتي أرسلها للمشاركة في معركة اليرموك الشهيرة فيما بعد ، انسحبوا من هذه المدن وتمركزوا في أول بلاد العرب ، من أرض البلقاء من بلاد الأردن الحالية ينتظرون المدد من الخليفة ، ولكنهم قبل أن ينسحبوا من تلك المدن ردوا عليهم ما أخذوه من الجزية ، وقالوا لهم: "نحن على ما كنا عليه فيما بيننا وبينكم من الصلح، لا نرجع فيه إلا أن ترجعوا عنه".

فقال لهم أهل الشام : "رَدَّكُمُ اللهُ إلينا، ولَعَنَ اللهُ الذين كانوا يملكوننا من الروم، ولكن والله لو كانوا هم علينا ما ردُّوا علينا، ولكن غصبونا، وأخذوا ما قدَرُوا عليه من أموالنا، لَوِلايتُكُم وعدلُكم أحبُّ إلينا مما كنا فيه من الظلم والغُشْم".

انظر الحلقة الثالثة هـــــنا

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين