مادة فقه الدليل

هو أن يقوم عالم من العلماء بجمع أدلة الأحكام التي اعتمد عليها الفقهاء في كتاب واحد, سواء مع شرح أو بدونه.

1- وقد يكون ذلك في آيات الأحكام," فقه الكتاب " ، كما فعل الجصاص الحنفي ( ت : 370 هـ ) والكيا الهراسي الشافعي ( ت : 504 هـ )، وابن العربي المالكي ( ت : 543 هـ ).. حيث يعتمدون فقط الآيات الخاصة بالفقه ثم يفسرونها وفق مذهبهم, مع ذكر مذاهب أخرى ومناقشتها، وربما مع وجود شيء من التعصب ، لكن الموضوعية العلمية واحترام المخالف تجلى كثيرا عند القرطبي المالكي، رحمه الله,( ت : 671 هـ ) وذلك في موسوعته " الجامع لأحكام القرآن " التي فسر فيها القرآن كله مولياً الأحكام الفقهية الأهمية الكبرى .

2- وقد يكون ذلك في أحاديث الأحكام، " فقه الحديث "، بمعنى أن يجمع العالم الأحاديث التي اعتمدها الفقهاء في تأصيلاتهم الفقهية,سواء أكان الحديث صحيحا أم ضعيفا, المهم أن الفقهاء أخذوا به.

- فمن ذلك ما فعله الإمام ابن حجر (ت : 852 هـ ) حين جمع الأحاديث في كتاب سماه :" بلوغ المرام في أحاديث الأحكام "مرتبةً حسب الموضوعات الفقهية, ولأهميته وشهرته اعتنى به العلماء دراسةً وتدريساً, وكان من أهم شرّاحه الإمام الصنعاني (ت : 1182 هـ ) وذلك في كتابه" سبل السلام".

  • والإمام الزين العراقي ( ت : 806 هـ ) ألف كتابا لولده " أبي زرعة "حين كان صغيرا, من أجل أن يحفظ أحاديث الأحكام من خلاله, وسماه " تقريب الأسانيد " ثم وجد أن يشرحه لاحقا في كتاب سماه "طرح التثريب".   
  •  -وأيضا جمع عبد الغني المقدسي ( ت : 600 هـ ) أحاديث الأحكام في كتاب سماه ( عمدة الأحكام ) , ليأتي فيما بعد ابن دقيق العيد ( ت : 702 هـ ) فيشرحها بكتابه ( إحكام الأحكام ) .

- وأيضا ألف المجد ابن تيمية ( ت : 652 هـ ) - وهو جد شيخ الإسلام - كتابا سماه "منتقى الأخبار " شرحه فيما بعد الشوكاني (ت : 1250 هـ ) في كتابه:" نيل الأوطار".

والإمام الشوكاني يتميز بأنه كان مجتهدا مستقلا, لا يتقيد بأي مذهب, مع احترامه لكافة المذاهب الفقهية.

منهج الشوكاني رحمه الله :

بداية يذكر الحديث كما ورد في متن المؤلف, ثم يقوم بشرح بعض مفرداته لغة, كشرح غريب الحديث .. 

ثم يقوم بدراسة الأسانيد وتعدد الطرق والروايات ..

ثم يحكي كيفية الإستنباط مع ذكر القواعد الأصولية ..

ثم يناقش الحديث من الناحية الفقهية, فيذكر الأقوال التي وردت من الفقهاء في هذا الحديث وموضوعه, ثم يقوم بالترجيح بينها , اعتمادا على اجتهاده المستقل.

أهمية مادة فقه الدليل : 

هو أن يطلع طالب العلم على اختلاف الفقهاء فيتسع صدره ولا تضيق مداركه, ويلاحظ من الناحية العملية كيف كان ذلك الاختلاف منهجيا, وكيف تعددت الآراء رغم أن الدليل واحد, وكيف حدث ذلك لاعتبارات لغوية أو حديثية أو أصولية ..

تبقى نقطة أخيرة لابد من ذكرها:

هو أن هذه الكتب تعتبر مراجع في موضوعها, لكن هي غير كتب الفقه, سواء المذهبية منها أو المقارنة , بمعنى: 

أنها تفيد في معرفة مصادر الأقوال الفقهية, لكن لا يؤخذ منها بشكل رئيسي الفقه المذهبي, لأن كتب الفقه تسرد كافة الجزئيات الفقهية ضمن سياق موضوع واحد وبصورة متكاملة, مع التحقيق وترجيح المفتى به في المذهب ..

هذا مابدا لي، والله تعالى أعلى وأعلم

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين